رجاء العتيبي
ما زال البعض غير قادر على استيعاب التغيير الاجتماعي الذي يحصل كل عقد من الزمان، فكل عشر سنوات يحدث تغيير في المجتمع حسب الدراسات الاجتماعية، وهذا التغيير يحدث لا محالة باعتباره سنة كونية، ويحدث تغيير كامل بعد مرور 30 سنة، التي تمثل جيلاً بأكمله.
هناك تغيير في الاتجاهات عبر الأجيال الماضية، فعلى سبيل المثال: هناك تحولات اجتماعية وسياسية من: شيوعية، إلى عروبية، إلى صحوية، إلى ليبرالية، وهذه التحولات تنعكس بشكل مباشر على سلوك المجتمع، فالناس لم تعد هي الناس، والوسائل لم تعد هي الوسائل، والجماعات لم تعد هي الجماعات.
وأهم قاعدة للتغيير تتمثل في أن جيلاً جديدًا يعترض طريق جيل آخر مهيمن لسنوات فيبدأ في فرض سلوكه الجديد وتفكيره المختلف واتجاهاته التي تمثله، ففي مجال الموسيقى على سبيل المثال: كان مقام الرست مهيمنًا على الأغاني فترة الثمانينات، ولكنه بعد سنوات توارى وجاء بدلاً عنه مقام الكرد الذي يغني به معظم المطربين هذا اليوم، الذين يطربون مع مقام الكرد اليوم، لا يطربون مع مقام الرست، كما كان يطرب له أصحاب الثمانينات، لا لشيء ولكن لأن سنة التغيير قائمة لا تتغير ولا تتبدل، والناس تريد أن تخرج من عباءة القديم ولا تريد أن تعود للوراء.
حتى النجومية لها وقت، وزمن، ومدة صلاحية، فالنجم في السبعينيات ليس بالضرورة أن يستمر نجمًا في التسعينيات، وكذلك الحال بالنسبة لنجوم الثمانينيات ليس بالضرورة أن يكونوا نجومًا في 2020م، يمكن أن يكون لهم مكانتهم، تقديرهم، نحتفي بهم في مناسبات لها علاقة بهم. ولكن ليس بالضرورة أن يكون لهم جماهيرية، وطلب، ودعوات وعقود وإعلانات كما كانوا في السابق.
في المجتمعات الغربية يحدث التغيير باستمرار وبصورة أسرع، بخلاف المجتمعات التقليدية، والسبب يعود إلى مقاومة التغيير، الإنسان في أوروبا مثلاً يتقبل التغيير فورًا، بخلاف الإنسان الشرقي لديه تحفظ على كل تغيير يحدث ولا يتقبله إلا عندما يكون أمرًا واقعًا لا مناص منه.
هناك ظواهر استثنائية تبقى أطول فترة ممكنة، لا تتأثر برياح التغيير، ويبقى لها حضورها في كل الأزمنة وعلى مر التاريخ، لا أحد يعرف السر تمامًا، ولكن تتقبلهم كل الأجيال، مثل: محمد عبده وطلال مداح.
لا أظن أحدًا يجهل هذه التحولات وأثرها عليه وعلى من حوله، وطالما الأمر كذلك فالأولى أن (يجدد) الإنسان نفسه باستمرار ويتغير ويتبدل ويتعلم ويتطور، وينتقل من منطقة الراحة التي تنتهي به (للتكلس) إلى منطقة التعب والعمل والتفكير حتى تبقى مواكبًا لكل الأجيال وكل الأعمار وكل الاتجاهات، ويكون صالحًا لكل زمان ومكان.