أ.د.عثمان بن صالح العامر
الكل يعلم دقة الظرف التاريخي الذي تمر به المنطقة جراء تسارع الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تتربص بِنَا نحن على وجه الخصوص وتحاك لنا بشكل مباشر ومخيف، فضلاً عن أننا في هذه البلاد المباركة نستقبل موسماً عظيماً عند الله أولاً ثم في ميزان كل مسلم على وجه هذه الكرة الأرضية ألا وهو موسم الحج الذي يعتبر بالنسبة لنا امتحاناً سنوياً نجريه في مكة والمشاعر، عسكريين ومدنيين.. نجريه في أيام معدودة وعلى صفة مخصوصة لنتذكّر هويتنا ولنتبصّر بسلوكنا إزاء مرجعيتنا الخالدة ولنعرف أين كنّا وإلى أين سنصل؟ ولذا فمن الكياسة والفطنة في هذه الأيام إن نتنبه جميعاً بلا استثناء لهذا الأمر، وأن نحرص على الالتزام بقواعد -هي في نظري- مهمة جداً، لتتحقق -بعد عون الله ومدده وتوفيقه وسنده- الوقاية والحماية الوطنية الداخلية والخارجية، وهذه القواعد بإيجاز:
- أن نستشعر طبيعة المرحلة التي نمر بها بكل تداعياتها وصعوباتها ومتطلباتها فنكون خلف قيادتنا صفاً واحداً جنوداً لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية، فنحن - علمنا ذلك أم أننا نتجاهل أو نجهل - في حرب حقيقية شاملة - عقدية وفكرية وسياسية واقتصادية وإعلامية وتقنية وعسكرية، بل وحتى اجتماعية -، والواجب يحتم علينا أن نحمي حياض الوطن كل حسب قدرته وفِي دائرة ما تفرضه مسؤوليتنا الشخصية والأسرية والرسمية وعلى ضوء ما يندبنا له ولي الأمر ويوجهنا إليه.
- أن نتجنب الخوض في تفاصيل الأحداث السياسية والتحركات العسكرية، إذ لها رجالها وخبراؤها ومستشاروها المختصون بها، ونكتفي بالاهتمام الفعلي في كل ما من شأنه ترسيخ مفاهيم المواطنة الحقَّة لدى من هم تحت رعايتنا وفِي محيطنا المجتمعي، ومساعدة رجال أمننا في أداء رسالتهم المناطة بهم على أكمل وجه وفِي أحسن صورة.
- أن نستقى الأخبار من مظانِّها الرئيسة بعيداً عن القيل والقال، وألا نجتهد في التحليل والربط والاستنتاج الذي هو غالباً من الظن الذي نهانا الله عزَّ وجلَّ عن كثيره.
- أن تكون تغريداتنا وكتاباتنا ذات نفس تفاؤلي واع رشيد يقيناً بما عند الله أولاً ثم ثقة مطلقة بقيادتنا ذات العز م والحزم والحنكة والحكمة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين، وأن ننبري للرد والتفنيد والإيضاح لكل وعلى كل مَن يريد أن يخرق سفينتنا ويشق صفنا المتراص ويمزِّق وحدتنا الداخلية ويوهن قوانا الذاتية ويعرض بقيادتنا الوطنية، ويتهم علماءنا الربانيين، ويعكر صفو أمننا، ويقلِّل من شأن جندنا وقوة العسكرية و... بلغة بسيطة وحقائق دامغة وأسلوب راق وثقة مطلقة.
- أن نترفّع في هذا الظرف الذي يغشنا ويتلبسنا اليوم عن التعصب لجميع انتماءاتنا الفرعية القبلية والمناطقية والطبقية والمهنية وميولنا الرياضية و... من أجل انتماء واحد هو الأهم والأشمل والأكمل ألا وهو الانتماء الوطني الذي يستحق منا التعصب والتباهي وبذل الغالي والنفيس من أجله.
- أن نتبع الطريقة المثلى في مواجهة ما قد يكون من مشاكل داخلية، وأن نتجنب إثارتها أو الحديث عنها في مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا توظّف بطريق مباشر أو غير مباشر من قبل أعداء الوطن الذي يتصيّدون علينا الزلات والهفوات - كما هو معلوم.
- أن نكثر في هذه الأيام الفاضلة من الدعاء، فوالله إنه سلاح مضاء مجرّب عبر التاريخ، ويكفي أننا على يقين عقدي خالص بأن الأمر أياً كان كبر أو صغر أولاً وأخيراً هو بيد الله عزَّ وجلَّ الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون، فلنرفع أكف الضراعة إليه عزَّ وجلَّ سائلينه سبحانه وتعالى أن يحمى بلادنا ويحفظ قادتنا وينصر جندنا ويعلي رايتنا ويديم أمننا ويوفّق علماءنا ويوحّد صفنا ويقينا شرَّ من به شرّ.. ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.