فهد الحوشاني
منذ عدة سنوات، ونفس السيناريو يتكرر فمع بداية شهر رمضان أفتح على القناة السعودية بعد صلاة المغرب فهي الخيار الأول، وهي التي يفترض أن تقدم ما لا يقدمه الآخرون، فهي التي (تمثّلني) وأمني النفس بأنها ستقدم مسلسلات بنفس الجودة التي أطمح لها. فعام كامل يجب أن ينتج عنه أعمال درامية (تكسِّر الدنيا) كما يقول الإخوة في مصر! وهذا ما نقرأه قبل رمضان عبر (بروبقاندا) يروّج لها أصحاب المسلسلات وأحبابهم، معتقدين أن ذلك سوف يجعلنا نشاهد تلك المسلسلات بعيونهم لا عيوننا! وللحقيقة فإن هيئة الإذاعة والتلفزيون نجحت في إنشاء قناة مشاهدة بشكل كبير، ونجحت أيضاً في عدد من البرامج والتي حظيت بالرضا والمتابعة، لكن المسلسلات أمر آخر، وأعتقد أن المسألة لها علاقة بشكل كبير بالمنتجين والفنانين وفهمهم لمعنى دراما تلفزيونية! ومن هم الذين يتصدون لهذا النوع من الإنتاج وخلفياتهم الفنية والثقافية وكمية الوعي الذي يتمتعون به! المسؤولون في هيئة التلفزيون أجزم بأنهم حريصون على تقديم أعمال منافسة، وهذا أمر طبيعي، لأنهم يسعون بالتأكيد للرفع من أسهم القنوات السعودية ونسبة المشاهدين وجلب المعلنين، وأجزم أنهم أيضاً غير راضين، والدليل أنهم استبدلوا بعض المسلسلات، فحرصهم طبيعي ومنطقي فنجاح وفشل المسلسلات يحسب لهم أو عليهم، وأرى أن لا يقتنعوا بأن الجود من الجود! واقترح على الهيئة أن تبحث عبر لجان متخصصة عن نصوص درامية لمسلسلات متصلة وليس حلقات منفصلة (اسكتشات)، فالأخيرة هي الملاذ السهل للمنتجين والفنانين الذين لا يستطيعون تقمّص شخصيات تتطور وتنمو، يتصدى لها كتّاب نفسهم قصير وليس لديهم القدرة على بناء مسلسل متصل بأحداثه وخيوطه وشخوصه المتطورة، مثل هذه المسلسلات الضعيفة لا يمكن للهيئة أن تنافس بها في (ماراثون) المسلسلات الرمضانية التي تقدّمها القنوات التلفزيونية! منافسة تحقق المتعة وتكون حديث المجتمع! هيئة الإذاعة والتلفزيون لديها فرصة أن تقدم أعمالاً جادة، تلتزم وتراعي قيم المجتمع وهوية المجتمع السعودي الذي يقوم على قيم إسلامية وعربية، وهذه نقطة لصالحها بعد أن تذمّر المشاهدون مما يعرض في بعض القنوات الفضائية من مسلسلات لا تقيم لرمضان وزناً ولا للأخلاقيات العامة اعتباراً! لكن الذي حدث في الموسم الماضي هو أنني فتحت التلفزيون منتظراً لبداية المسلسل المحلي، والذي سوق له بأنه كوميدي! أمني نفسي بأن أعيش جواً عائلياً مفماً بالابتسامة! فالمسلسل يشارك به ممثِّلون (كوميديون)! طبعاً اكتشف بعد عدة مشاهد أن الكوميديا الحقيقية والسوداء هي في تسميتهم (كوميديين)! لأن بعضهم يجهل (ا. ب) التمثيل! ويعتقد بأن عدم حفظ النص والارتجال والاستهبال وتكرار نفس الجمل والشخصية التي نراه عليها في كل أعماله هو ما نريده منه! وبعد متابعة الحوار المستهلك والسطحي وعدم الاحترافية بالأداء والإنتاج وضعف الفكرة والمعالجة المباشرة، أقرر أنا والعائلة المغادرة (ون وي) بعد أن نقدم الاعتذار لقناتنا السعودية.
أتمنى لقنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون وإذاعاتها كل التوفيق فالمهمة صعبة في ظل الظروف والمنافسة القوية من القنوات الأخرى، لكني دائماً أراهن على النجاح لأن كل العوامل موجودة، بوجود كوادر سعودية تصنع النجاح في كل المجالات.