مها محمد الشريف
لقد كان سعي الولايات المتحدة وقوى الناتو لثني أنقرة عن صفقة شراء منظومة إس 400 الصاروخية من روسيا كبيرا، إلا أن الإصرار التركي على إتمام تلك الصفقة حال دون ذلك، وتتجنب بكل الطرق إضاعة المكاسب التي ستجنيها من الصفقة حتى لو خسرت علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن، وأيضاً عضويتها في حلف الأطلسي.
هذا النمط من السياسة يرفض أن يعلن عن نفسه، ولن يستمع للتحذير الصارم، حتى لو كلفه ثمناً باهضاً بالخروج عن الحلف الغربي إلى الحلف الروسي، فقد تجاهل الرئيس التركي جميع التطورات الراهنة فهو يسلك أكثر الطرق استغلالاً سواء محليا في الداخل التركي وإقليميا في الشرق الأوسط أو عالمياً.
بهذه الطريقة، فإن مراحل التوسع التي يعيشها أردوغان هي مراحل هذيان، وعند المقارنة تبدو أقرب من الطغيان والاستبداد المدعوم، فقد جرى تصميم أزمة كبيرة يصعب الخروج منها بهذه الصفقة والموقف الغامض، فالمسألة تتعلق بعقوبات وتطبيق قوانين من دولة عظمى في تحدٍ صارخ لأمريكا وحلفائها.
بالنظر إلى تاريخ تركيا في صناعة الأزمات كان ملف اللاجئين يعزز إلى حد كبير استغلاله، ناهيك عن العديد من الملفات الأخرى التي تتصدر المشهد العام منها الإرهاب والإرهابيين من دواعش ومجرمي القاعدة والإمدادات التي تُقدم لهم، وغض الطرف عنها بموجب اتفاقيات سياسية واقتصادية فقد شهدت اليوم تغيراً عميقاً وتعديلات محورية.
كل هذه الأفعال كانت تقابل بدعم وتأييد من عدة دول لإتمام قوانين اللعبة، كانوا يولون اهتماما متساويا ولكنهم غابوا الآن عن الساحة لإطلاق العنان لأهداف أخرى، إنه لأمر أقل ما يُقال فيه إنه ترجمة عبثية لمرحلة خانقة كي يضعوا الإرهاب في مستوى رفيع، جرى التعديل عليه بعدة أحداث دموية متسارعة، كان منها حرب سوريا والعراق وقتال مليشيات ليبيا، بخلاف الوهم والخداع الذي يعرض في الأسواق مع الباعة السياسيين، ثم صفقة الصواريخ الروسية لإشغال واشنطن بالصفقة وعقوبات إيران ومزيدا من الإرباك للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
كل الأزمات والصراعات والمواجهات في المنطقة متجذرة في سياسة تركيا وإيران وإسرائيل، ولكن حدث تغيير في المسارات وسيطبق قانون كاتسا على أنقره، -القانون الذي فُرض على أعداء الولايات المتحدة-، «حيث يقوم القانون على فرض عقوبات على الأفراد والشركات والدول، في حال إبرام صفقات سلاح وتعاون عسكري مع كل من موسكو وطهران وبيونغيانغ والحرمان من سوق السلاح التابع للولايات المتحدة ودول الناتو». نقلا عن سكاي نيوز.
وقالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام إن قرار تركيا شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية إس -400 يجعل استمرار مشاركتها في برنامج طائرة أف -35 مستحيلاً».، فهل سيواصل الرئيس التركي سياسته الغريبة ويتجاهل العقوبات الأمريكية وقانون كاتسا؟!.