فوزية الشهري
المراهقة مرحلة بين الطفولة والنضج بكافة نواحيه الجسماني والعقلي والاجتماعي والنفسي، وهي من أصعب مراحل التربية ومن أبرز الصعوبات التي يواجهها المربي في هذه المرحلة عصبية المراهق ومحاولته الانفراد بالرأي والصراع لإثبات وجوده، كما يغيب عن كثير من المربين، وكذلك الآباء والأمهات أن التغيرات الهرمونية والجسمية وزيادة انفعالاته النفسية قد تؤدي إلى اضطراب وعدم قدرة على التلاؤم مع البيئة المحيطة به، لذلك يجب الاهتمام بفهم طريقة تفكير المراهق والتعامل معه والإصغاء له حتى يجتاز هذه المرحلة بسلام.
وعالم الفضاء السيبراني يعتبر مكاناً مثيراً للمراهقين والهاجس المخيف، والخطر الأكبر الذي يشغل بال الوالدين هو هوية الأشخاص الذي يتعامل معهم المراهق وطبيعة الحوارات التي يتم تداولها، فلا يمكن التكهن بمن يوجد خلف الشاشة، ومواقع التواصل مرتع خصب لانتشار المهووسين بالعنف والجنس والأفكار المتطرفة، ويزيد خطر هذا العالم الافتراضي عند تشكيل جماعات من المراهقين ويرتبطون ببعضهم تحت مسميات معينة وكان (جيمس آي إف ستونر) أول من اكتشف نزعة الجماعات نحو السلوك المصنف بأشد خطورة، وقد أثبت بالتجارب العلمية أن المشاركة في عملية اتخاذ قرارات جماعية جعلت المشاركين أكثر ميلاً إلى ركوب مثل هذه الأخطار.
خلاصات ستونر هذه أكدها باحثون آخرون لاحقاً، مما أفضى إلى نتيجة مؤداها أنه عندما يتصرف الناس ضمن مجموعات، فإنهم يعيشون ما يسميه ستونر تجربة «التحول الخطير».
لهذا فإنه في كثير من المحاكم بالولايات المتحدة يمنع المراهقون من سياقة السيارات برفقة أكثر من صديق لأنهم يفقدون حسن التقدير عند الانضمام إلى أقرانهم نقيس على ذلك الجماعات السيبرانية، فالمراهق عند غرقه في الجماعات والأحزاب والتصنيفات سيكون فاقدا للقرار الصحيح غالباً وهذه المجموعات تميل إلى الاستقطاب للمراهقين وبث أفكارها، وتكمن الخطورة أن أفراد المجموعه لا يستمعون الا لبعضهم البعض، فإذا كانت لدى غالبيتهم ميول لأفكار متطرفة فإن المجموعة تسير برمتها للتشدد، من جميع ماذكر يتضح لنا خطورة تشكيل التحزبات والجماعات التي تستهدف المراهقين في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الخطر يقع على فكر المراهق وطريقة اتخاذه لقرارته، وقد استغل ذلك الكثير من المتطرفين فكرياً لخدمة أهدافهم وضللوا المراهقين في ظل نشوة القرارات الجماعية وعدم الحذر من العواقب وقد أوصلتهم إلى عواقب وخيمة، وكانت داعش مثالا حيا لنا، وكذلك التاقات التي تتغنى بالحرية والحقوق مثل (تاق إسقاط الولاية)، وهذا التاق المشبوه الذي كان يحركه ويديره أطراف خارجية وهدفها ضرب اللحمة الداخلية لمجتمعنا، وكان تسبب في كثير من حالات التمرد من الفتيات المراهقات، وكذلك حالات الهروب هذا التاق المتلبس بالحقوق وهو لاتتعدى أهدافه الإثارة وتجييش المراهقات ضد الوطن ونسيجه الاجتماعي والثورة ضد مؤسسة الأسرة التي تعد اللبنة الأساسية لبناء المجتمع، وقوة وضعف المجتمع تُقاس بناء على تماسك الأسرة، أو ضعفها في المجتمع،
الدولة ماضية في تمكين المرأة ومنحها حقوقها، والواقع يتحدث عن تمكين المرأة الفعلي وليس بالطريقة المضحكة التي تصورها المراهقات في مجموعات التويتر التي لا تتعدى أحلامهم السفر والانطلاق دون إذن ولي، وواجبنا كتربويين ومعلمين ومربين أن نقف لتوعية المراهقات اللاتي تم تضليلهن وندعوهن للتفكر، ما هو الرابط بينك وبين أسرتك هل هي (الولاية) فقط؟ هل سقوط الولاية (فرضاً) سيسقط معها كل حق لأب وزوج وعائلة وأطفال ومجتمع؟ طبعا لا، فنحن مجتمع مسلم عربي وله خصوصيته، دينياً، وثقافياً، وموروثاً معرفياً، وتراكماً حضارياً.
لا ننكر وجود من استغل الولاية وجعلها وسيلة للضغط وسلب الحقوق، ولكن لا يعمم ذلك على المجتمع فيوجد من الرجال من أعطى المرأة كل حق وثقة واحترام، وكان خير معين لها لتحقيق أحلامها، ويوجد نماذج من النساء للأسف لا تستحق الثقة، وأقدر جداً تخوف الرجال من إثارة موضوع الولاية لظهور نماذج سيئة تصدرت الموقف، ولكن لا أتعاطف مع أي رجل يختصر رجولته بالتسلط تحت مسمى (ولي)، وهذه النماذج يجب أن توقف قانونيا وتحاسب على العموم، نحن نتمتع بتمكين فعلي للمرأة وربما يحصل تقنين وتنظيم أكثر للولاية لكن فلنعي جيدا أننا لسنا في حرب مع الرجل وأننا مكملون لبعض، وليكن الهدف الأسمى هو صالح مجتمعنا وطننا، والمرأة السعودية أثق كل الثقة أنها تستحق التمكين ولن تخذل أبا تعب في تربيتها ولن تدير ظهرها لثقة زوج ولا للمسؤولية والواجبات التي تقع على عاتقها بوجود ولاية أو عدم وجودها. لكن الحذر كل الحذر ممن يبيع الوهم لفتياتنا وهدفه خراب مجتمعنا وطننا.
الزبدة
تثمر الأفكار الجيدة ثماراً طيبة وتثمر الأفكار السيئة ثماراً فاسدة والمرء هو من يزرع ويحصد.