إن متحف العقيلات ببريدة هو تحفة معمارية من تراثنا وصمم المبنى ليعطي بعداً تاريخياً من تاريخ نجد وهو يقع في الجنوب الشرقي من مدينة بريدة بمنطقة القصيم حيث نجد بأن هذا المتحف انفرد عن بقية المتاحف بالمنطقة، أما بداخله فيجعلك تعيش حقبة زمنية من تاريخنا لأكثر من ثلاثة قرون من الزمان وهو يخص تحديداً رجال العقيلات من بريدة ومنطقة القصيم لما يحتويه من وثائق ومخطوطات ومن مجسمات وأدوات لتلك الفترة التي كان يستخدمها رجال العقيلات في رحلاتهم الشاقة على الجمال إضافة إلى كثير من صور لرجال العقيلات المتأخرين في أوائل القرن الماضي، حيث كانت وجهاتهم إلى العراق والكويت وفلسطين وبلاد الشام ومصر من أجل البحث عن الرزق والتجارة تحديداً وما تحمله تلك الرحلات من مخاطر ومشاق وصعاب لفترات طويلة من الفقر والمجاعة والقحط لعدة سنوات وكل ذلك تقوم رحلاتهم في فترات زمنية منتظمة ومحددة،حيث نجد حياتهم ومعيشتهم بسيطة جدا مما أعطى لهم إرثاً تاريخياً لا تجده الآن إلا في أروقة هذا المتحف، فهو أعطى صورة كاملة لهم داخل أروقته، كأن بين يديك مجلد تاريخي.
لسيرة هؤلاء رجال العقيلات سواء في الشدة أو الرخاء.
بينما في هذه العجالة نريد أن نتحدث عن الشخصية البارزة والهامة ابن بريدة البار الذي طرح فكرة هذا المتحف الفريد من نوعه بالمنطقة وجعله معلم من معالم مدينة بريدة. وهو متحف تعيش بداخله حقبة زمنية عابرة من تاريخ نجد لأكثر من ثلاثة قرون مضت، وهو الأستاذ/ عبداللطيف بن صالح الوهيبي، الذي أعطى كل وقته وجهده وفكره وعلمه لسنوات ليكتمل هذا (العقد الفريد) حيث هو المؤسس والراعي لمتحف العقيلات وهو رجل متواضع ورجل علم وفكر وثقافة (تاريخياً) خاصة عن بريدة ورجالها ومنطقة القصيم، والأستاذ عبداللطيف لم يكتف بما لديه من وثائق ومخطوطات وأدوات من داخل بريدة ومنطقة القصيم، لكن فكره وثقافته وعشقه لتاريخ المنطقة جعله يتحمل المشاق لسنوات حيث قام بعدة رحلات خارجيه ليقابل ويتحدث مع من بقي على قيد الحياة من رجالات العقيلات المتاخرين الذين أثرو البقاء في تلك الديار في العراق وبلاد الشام ومصر والأردن وغيرها، وذلك في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ليأخذ المعلومة من مصدرها وما لديهم من رسائل ووثائق ومخطوطات وقصص وأشعار.
ولم يتوقف عند ذلك بل التقى وجلس مع كثير من أحفاد رجالات العقيلات بمنطقة القصيم حيث استفاد من كل معلومة ووثيقة ومخطوطة حصل عليها، حيث أصبح لديه موسوعة تاريخية كاملة عن تاريخ العقيلات. ومن شدة حبه وعشقه لتاريخ بريدة ومنطقة القصيم ورجالات العقيلات تحديداً، وهم رجال خلدهم التاريخ وهم جزء لا يتجزأ من تاريخها خاصة ونجد عامة، حيث لهم مواقف الرجال بالحرب والسلم ودورهم العظيم في مناصرة أئمة آل سعود في الدولة السعودية الأولى والثانية وموقفهم الشجاع عندما قام المؤسس الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- باسترداد ملك أبائه وأجداده؛ حيث قدموا رجالات العقيلات لمناصرة الملك عبدالعزيز في حروبه وأثنى عليهم -طيب الله ثراه- حيث كانوا من المناصرين له.
وبذلك لم يكتف الأستاذ/ عبداللطيف بل أصدر مجلداً كاملاً من 2425 صفحة في ستة أجزاء بعنوان: (العقيلات مآثر الآباء والأجداد على ظهور الإبل والجياد).. ويهدف بذلك حفظ تاريخ العقيلات علمياً، بحيث جعله مصدر معلومة للدارسين والمهتمين بتاريخ منطقة القصيم.. ونجد الأستاذ عبداللطيف بفكره وثقافته وحنكته أراد من هذا المتحف أن يعكس حقبه تاريخيه من تراثنا وهو الفريد من نوعه بالمنطقة، حيث كل من شاهد وحضر إلى المتحف أثنى على جهد وفكر مؤسسه، بحيث أعطى صورة حقيقية وصادقة لأولئك الرجال.. فهنيئاً لمدينة بريدة ومنطقة القصيم بهذا الرمز الكبير من رموز تاريخنا وللأستاذ عبداللطيف على جهده وإبداعه بهذا المتحف.. وبالله التوفيق.