تقع بلاد العرب في الجزء الجنوبي الغربي من آسيا، وهي عبارة عن شبه جزيرة محاطة بالماء من جهات ثلاث؛ حيث يحدها البحر الأحمر من الغرب، والخليج الفارسي من الشرق، والمحيط الهندي من الجنوب، أمّا من الشمال فهي تمتد من مدينة غزة وتمرّ عبر البحر الميت من جهة الجنوب، ثم إلى دمشق ومنها لتصل حدودها الفرات، وسُمّيت شبه جزيرة لأنّ الماء يحيط بها من ثلاث جهات فقط، أمّا موقعها الاستراتيجي فله أهمية بالغة؛ حيث تربط بلاد حوض البحر المتوسط مع جنوب وشرق آسيا، كما تتصّل بأفريقيا عن طريق صحراء سيناء، وهي طريق حيوي لنقل التجارة، وقد قامت فيها العديد من الحضارات الإنسانية، وقد قسّم العرب شبه الجزيرة العربية إلى خمسة أقسام، هي : اليمن، والحجاز، وتهامة، ونجد، والعروض.
ازدهرت الكثير من الحضارات في جنوب الجزيرة قبل ظهور الإسلام، وكانت متجذرة بالزراعة المميزة في المنطقة كالمر وبهارات المناطق الاستوائية كاللبان. فنشأت طرق تجارة كطريق البخور وطريق اللبان جعلت جنوب الجزيرة مزدهراً اقتصاديا. ونشأت مملكة سبأ، واحدة من أهم هذه الحضارات، والتي ظهرت بوضوح في القرن العاشر - التاسع قبل الميلاد [1]. وارتبط اسمها باليمن بشكل وثيق، وعُرفت ببناء السدود، أشهرها سد مأرب كما أنها أسست مستعمرات في شمال الجزيرة. وتأثرت منطقة اليمن بما يحدث في إفريقيا، فوجدت إمبراطوريات أثيوبيا والحبشة منطقة اليمن ممرا تجاريا مهما، فسعت للتحكم به. وفي جبال عسير على خط التجارة نحو الشمال تطورت العطور بمزج ما تجلبه بلدان المتوسط والبهارات المستقدمة من الجنوب؛ وفي البحرين وشرق الجزيرة العربية قامت حضارة دلمون قبل خمسة آلاف سنة من آثارها مقبرة من أضخم المقابر في العالم، وفي وسط الجزيرة قامت ممالك قوية أيضاً، فقامت مملكة كندة والتي تقع في نجد جنوب مدينة الرياض حالياً، سنة 547 قبل الميلاد حيث أقاموا أول مملكة لهم في قرية الفاو وظلت دولتهم حتى القرن السابع الميلادي.
تميزت شبه الجزيرة العربية بموقعها الذي يتوسط بلاد الشرق الأدنى القديم، ودروها البشري المؤثر في تكوين السلالات الأكثر عددًا بين سكانه الأقدمين، كما كان لها نصيب أيضاً من دور الوساطة والتأثير في بعض خطوط اتصالاته واقتصادياته. تدل الآثار الباقية على أن شبه الجزيرة مرت بفترات متعاقبة بداية بما خلفه الإنسان البدائي القديم في العصور الحجرية من أدوات حجرية ورسوم بدائية متفرقة، كما أنها تتضمن أساسًا ما تركته الجماعات العربية المتحضرة في عصورها التاريخية القديمة من آثار معمارية قائمة كبقايا المعابد والأسوار والسدود والحصون والأبراج والمساكن والمقابر، وما عثر على ما تحتويه من آثار متنوعة لأدوات الاستعمال اليومي وأدوات الزينة وفنون النحت والنقش، في مناطق عدة من أنحاء شبه الجزيرة العربية. كما أشارت الاكتشافات الأثرية إلى وجود أقدم الحضارات التاريخية على مستوى شبه الجزيرة العربية في منطقة نجران، ومن أقدم الحضارات المكتشفة في شبه الجزيرة حضارتا العبيد ودلمون اللتان ازدهرتا في منطقة الأحساء والخليج العربي، حيث اكتشفت أقدم آثار الحضارة الإنسانية، وقد جاء ذكر دلمون في الكتابات المسمارية القديمة التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد التي وجدت في بلاد الرافدين وشمال سوريا. سائلا الله التوفيق للجميع للصالح العام.