فهد بن جليد
تعاطينا اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعي يعتمد على نظرية الصواب والخطأ - كما أراه - فالتجربة جديدة على «جيلنا الحاضر» الذي ظهرت فيه هذه الوسائل دون أن يكون لديه الخبرة الكافية والدراية المعرفية اللازمة؛ فما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي هو نتاج طبيعي لهذه الثورة التي وجدنا أنفسنا أمامها، وملزمون بالتعاطي مع هذه المساحة الواسعة من الحرية والتعبير عن الآراء والمواقف بإيجابياتها وسلبياتها، ودون أن نملك الوقت والقدرة على المراجعة والتصحيح؛ وهو ما أتاح للجميع الدخول في هذا المعترك باختلاف أعمارهم وسلوكهم واهتماماتهم وتوجهاتهم.. فهل ننتظر أن تستمر الأمور على هذا النحو مع الجيل القادم مع ظهور وسائل أكثر سرعة وقدرة على التعبير والتواصل؟
بات لزامًا على آباء اليوم تربية أطفالهم على التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة صحيحة أكثر سلامة وتنظيمًا وتهذيبًا، مختلفة عن طريقة تعاطي الآباء أنفسهم؛ حتى لا يعيشوا الفوضى الرقمية التي نعيشها اليوم، بما فيها من مخالفات وتجاوزات أخلاقية. مجمل الدراسات الإنسانية تؤكد أن القيم والاتجاهات التي يتبناها الطفل من خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والتعاطي معها، تؤثر سلبًا على هويته التي يفترض أن يكتسبها من الوالدين في مراحل نموه في حال لم يكن هناك توجيه ومتابعة من الآباء لكيفية اختيار التصفح والتعاطي وإدارة المحتوى. ففي ظل المتغيرات المتسارعة باتت تربية الأطفال على كيفية التعاطي مع هذه الوسائل جزءًا أصيلاً ومهمًّا من نجاح التربية بشكل عام. والمعضلة تكمن في عدم شعور بعض الآباء بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الاتجاه، مع غياب أو نقص المناهج ونظريات التربية الحديثة، والمحاضن التربوية التي يفترض أن تراعي مثل هذا المطلب الأخلاقي لناحية القيم والمضامين، مع إعطاء الأطفال والمراهقين الحرية الكاملة في استخدام هذه الوسائل والمنصات دون رقابة أو توجيه.
انتظار الآباء حتى تقوم المدارس بدورها التربوي والتعليمي في هذا الجانب خلل كبير في التربية، وهروب للأمام، وتخلٍّ عن المسؤولية.. فإذا لم يتحرك الوالدان بالسرعة المطلوبة ليقوما بدورهما التربوي فقد نجد أنفسنا أمام جيل منغمس في التوتر، يعاني من تعكر في الحالة المزاحية، يشعر بالقلق والاضطراب والاكتئاب أكثر من الجيل السابق، يتنامى لديه الشعور بالوحدة والعزلة، غير مكترث بالأدبيات والآداب التي يتمناها كل أب وأم لابنهما.. وهذه أقل السمات السلبية الناتجة من غياب هذا الدور؛ فلا أحد يستطيع تخيل المستقبل.
وعلى دروب الخير نلتقي.