زكية إبراهيم الحجي
قيل لأحدهم وقد احترف صناعة الكذب.. هل مرَّ عليك يوم لم تمارس فيه كذباً؟ فأجاب أخشى أن أقول «لا» فأكون قد صدقت.. يكذب ويتباهى بصناعة الكذب في عالم مبتلى بمن حوَّلوا الحياة الإنسانية إلى كذبة لتصبح سلعة تباع وتُشترى وتخضع للمراهنات الزائفة.
لطالما كانت السياسة على مر السنين بيئة مثالية لإفراز الكذب وتسويقه عبر وسائل الإعلام المختلفة وكأنه من اللوازم الذاتية لكل ممتهن للسياسة.. فحتى يكسب السياسي شعبيته فعليه أن يحرف المعطيات والوقائع والحقائق ويزيف الأخبار والمعلومات وفي هذه الحالة يصبح للكذب قيمة كما قال الكاتب والفيلسوف الفرنسي»فولتير».
لقد أدى تفشي الكذب السياسي في عصرنا الحالي إلى أن يتحول لمفهوم يتخذ أبعاداً فلسفية متعددة، لذا فإن متابعة دلالات «الكذب السياسي» تقتضي طرح سلسلة متلاحقة من الأسئلة، فعلى سبيل المثال.. هل يُعتبر الكذب في مجال السياسة فعلاً لا أخلاقياً أم أن الرهانات السياسية تقتضي معاملة الكذب في هذا المجال معاملة استثنائية.. بمعنى اعتبار الكذب السياسي فضيلة مشروعة؟ وهل الكذب السياسي من اللواحق الذاتية التي لا مناص منها للفعل السياسي لذا لا مانع من إجازته باعتباره حقاً من حقوق السياسيين.. أسئلة كثيرة تُطرح والإجابة ربما تبدو شائكة أو يعتريها غموض لا يُفهم وقد تتكشف الحقائق فيما بعد والأمثلة على ذلك كثيرة.. فمن منا لا يعلم فضيحة «ووترغيت» الشهيرة عندما كُشِف عن الرئيس الأمريكي «ريتشارد نيكسون» سلسلة من الأكاذيب حول إعطائه أوامر أو علمه باقتحام عناصر لمقر حملة اللجنة الوطنية الديمقراطية، ولاحقاً كشفت محادثات مسجلة في البيت الأبيض ليتضح أن نيكسون على علم بأمور سبق أن نفاها ثم استقال على أثر ذلك.
لطالما يطرح المشهد السياسي بين فترة وأخرى شخصيات سياسية أو قيادية غريبة الأطوار ديدنها الثرثرة والكذب والتدليس وتزييف الحقائق وخلق روايات وأحداث بعيدة عن الصحة وذلك لتحقيق هدف معين.. وعلى مبدأ «جوبلز» وزير إعلام هتلر «اكذب ثم اكذب ثم اكذب وأخيراً سيصدقك الشعب»، برع رجب أردوغان الذي بنى أحلامه على الكذب والخداع بطريقة مكشوفة فاضحة دمر من خلالها دولاً كثيرة ولا زال مستمراً يعتمد سياسات الكذب والادعاءات الخاطئة.. لكن يبدو أن أجمل ما يميز «رجب أردوغان» أنه أصبح مادة مسلية ومضحكة على المستوى السياسي والفكري في الغرب والشرق.
الحديث عن سياسة أردوغان خريج مدارس الكذب والتدليس لا يمنعنا من تجاهل سياسة النظام القطري البائس الذي يبحث عن البريق من خلال سلسلة من الأكاذيب والادعاءات وتجنيد مرتزقة قناة «الجزيرة» للإساءة إلى وطني المملكة العربية السعودية وإلى قيادتنا الحكيمة، وللأسف الشديد أن هذا النظام لا زال مستمراً في لعبته القذرة.. تلك هي أزمة أردوغان والنظام القطري كلاهما يمتهن الكذب والتزييف ويمارس الغباء السياسي برعونة.