فضل بن سعد البوعينين
أُكمل من حيث انتهيت في مقالتي السابقة، وأشدد على أهمية ملف الحملة الإعلامية المرتبطة باستضافة قمة مجموعة العشرين في الرياض؛ ما يستوجب خلق إستراتيجية إعلامية محكمة للتعامل معها؛ شريطة أن تركز على ثلاثة أركان رئيسة؛ وهي إشهار القمة قبل وخلال وبعد انعقادها، واستثمار فترة الرئاسة وتوافد الوفود الرسمية والإعلامية لعكس صورة إيجابية عن المملكة، وتحسين صورتها المشوهة في الإعلام الغربي. مواجهة الحملات الإعلامية المتوقعة من بعض الدول والإعلام المعادي وعدم السماح لها بالتأثير السلبي على الاستضافة.. وأخيراً خلق مجموعة المرافقين للوفود الإعلامية من السعوديين الأكفاء المدربين ممن يتقن لغة وثقافة الوفد الذي يرافقه، وفق رؤية وطنية عليا وبرامج محددة، ورسائل يتم التركيز عليها، لتسهيل عمل الوفود الإعلامية ومساعدتهم وضمان تعزيز نقل الصور الإيجابية والحد من السلبية قدر المستطاع.
إعلام القمة سلاح ذو حدين؛ فإما أن يستثمر بكفاءة واحترافية ليكون داعماً لنجاحها، ومحققاً للأهداف الوطنية، وإما أن يُتعامل معه بارتجالية تتسبب في إحداث ضرر لا يمكن معالجته مستقبلاً، وأحسب أن اللجنة الإعلامية العليا ومعالي وزير الإعلام قادرون على تحقيق الأهداف الوطنية وفق إستراتيجية وطنية كفؤة بإذن الله.
ومن التحديات الرئيسة؛ الملفات التي سيتم مناقشتها ومن ثم إقرارها في القمة؛ وهو أمر مؤثر وحساس يستوجب التعامل معه بحذر وعقلانية تأخذ في الاعتبار الإمكانيات المتاحة، والمخاطر المتوقعة، والمكاسب المرجوة. هناك فارق كبير في التعامل مع الملفات التوافقية والملفات الخلافية؛ فمن المصلحة أن تكون الملفات المقترحة من الملفات التوافقية التي يسهل إقرارها في القمة، لضمان إقرار البيان الختامي وعدم امتناع أيّ دولة عن التوقيع أو التحفظ عليه؛ وهو أمر لم يحدث من قبل؛ إلا أن مخاطره مرتفعة في حال اقتراح الملفات المعقدة والخلافية.. فمن الحكمة التركيز على هدف إنجاح القمة والنأي بها عن الخلافات المؤثرة والقضايا الجدلية المتشعبة.
الخدمات اللوجستية من التحديات التي يمكن أن تواجهها القمة؛ وبالرغم من اهتمام الأمانة السعودية لمجموعة العشرين بهذا الجانب، وتقديمها بيانات دقيقة للاحتياجات اللوجستية المطلوبة من الوزارات والهيئات الحكومية المشاركة في اللجان المختلفة؛ إلا أن إمكانية عدم إنجاز تلك المتطلبات في وقتها واردة، عطفا على التجارب السابقة.. فالعبرة في الإنجاز لا الإبلاغ وتقديم الطلب.
لا أبالغ إذا ما قلت أن المسارات الفنية المتخصصة قد لا تتجاوز 30 % من متطلبات القمة؛ في الوقت الذي تستأثر فيه الجوانب اللوجستية بـ70 % تقريباً؛ ما يعكس حجم المخاطر المتوقعة في حال عدم كفاءة الجوانب اللوجستية. المطار، الطرق، النقل، مراكز الإيواء، إدارة الحركة في مدينة الرياض، مقر انعقاد القمة، المركز الإعلامي، الإدارة الشاملة، وإدارة الوفود قبل وبعد وصولها، وخلال فترة بقائها، ومن ثم مغادرتها؛ من أهم أركان الجوانب اللوجستية المطلوب التحقق من كفايتها وكفاءتها.
نثق جميعاً بجهود الأمانة السعودية لمجموعة العشرين، والوزارات والهيئات الحكومية، والإجراءات الاستباقية المتخذة من قبلها؛ إلا أن التأكد من الجاهزية قبل تسلم المملكة رئاسة المجموعة مطلع ديسمبر المقبل أمر غاية في الأهمية لضمان درء المخاطر، وتحقيق النجاح -بإذن الله-.