مها محمد الشريف
حينما يقول مسؤول سياسي أني أعبّر عن أمل ضعيف فإنه يرمي إلى أكثر من معنى عالق بذهنه، ولن يحتاج إلى تفسير سوى أن إيران في عنق الزجاجة رغم التصورات العديدة والأمنيات الكثيرة، فهو شخص ينظر للأمور في ضوء التجارب الطويلة، وكان هذا وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، الذي قال: «إن الوقت لا يزال متاحاً لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، وبلاده لا تتفق مع الولايات المتحدة، وهي أقرب حلفائها، في طريقة التعامل مع ملف الأزمة الإيرانية.
وعقب وصوله إلى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، صرح للصحفيين بأنه: «لا يزال أمام إيران عام كامل لإنتاج قنبلة نووية.. لكن هناك فرصة ضئيلة لإبقاء الاتفاق على قيد الحياة»، فالقرارات السياسية المخولة رسمياً تخضع لتأثير عالمي لا يتجاهل تداعياتها.
ومعنى هذا كله، هو أن الأمور تتعقد وأن مثل هذا التصريح يبين أن أوروبا عاجزة عن إنقاذ الاتفاق رغم تمسكهم فيه، وأن المرحلة القادمة ستكون متاحة لاحتمالات خطيرة، وثمة أمر قائم على عمل إستراتيجي بتضييق الخناق على إيران، والتشكيك بقيام الحرب في الوقت الراهن مهما ارتفع رتم التصعيد الإيراني بنحو مبدئي، لذا تجاهل الجميع ضجيج طهران وتهديداتها الجوفاء عبر مليشياتها الذين يحاولون فصل الحقائق عن الواقع والسياسة عن الأنظمة المطبّقة والتقليل من شأنها والعمل على خلط الأوراق.
إن ذروة الوحشية التي يصلها هؤلاء هي تغطية شاملة لجرائمهم في العراق وسوريا، وتكرار مسرحيات التهديدات من نصرالله لإسرائيل وإشعال المنطقة على النحو ذاته في كل الأزمات التي مرت، فقد استخدمت هذه الأدوات ليكون دليلاً واضحاً على إفلاس نظام إيران، وخاصة بعد تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وبينها منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي العام الماضي، والعقوبات المفروضة على طهران قبل إبرام الاتفاق.
تقترب نتائجها من حالة فقدان التوازن لسلوك النظام الإيراني من حيث تأثير عمق عزلته الدولية، وواشنطن تعلم بأن هذه الدولة عاشت صراعاً عسكرياً طويلاً، وأنظمتها تسعى إلى الربح على حساب الدمار والمعاناة للآخرين، وعلى الرغم من كل الموالين والحلفاء الذين حولتهم من تجار إلى مغامرين، يحكمون سيطرتهم على قطاعات معينة مخصصة للالتفاف على العقوبات والحصار، فقد أصبح ذلك ضرباً من المخاطرة، وأصبحت مكاناً منعزلا تقطنه حشود من الفقراء والمتسوِّلين يحتجزهم الحرس الثوري خلف الأسوار الشائكة.
وفي أعقاب التطورات الأخيرة والتهديدات المستهلكة المقدّمة من أذناب نظام الملالي، لن تقرّر الحرب بشكلها وتوقيتها أو تستدرج المنطقة لحرب تغطي بها على الفظائع التي تمارسها على شعبها والهجمات العشوائية في المنطقة، ولذا، فإن انهيار الثقة في سلامة عقل هذا النظام واضحة من ردود أفعالهم، وكان البيان الأمريكي قد أشار إلى أن «توسيع إيران لبرنامجها النووي محاولة لابتزاز المجتمع الدولي»، مضيفاً أن محاولات الابتزاز الإيرانية لن تجدي في تخفيف العقوبات عن طهران، وإننا لا نستطيع إلا أن نتساءل عمَّا ستكون عليه الاحتمالات القادمة؟