فهد بن جليد
عودة مجموعة من أصحاب «الفود ترك» للعمل على «عرباتهم» رغم افتتاحهم محلات تجارية ثابتة، أو على الأقل إيقاف تلك «العربات» أمام محلاتهم، هو ردة فعل واضحة للدعم المجتمعي والتعاطف الذي خسروا جزءاً منه عندما تحولوا إلى «تجار» بصيغة «البزنس» المعروفة والتي يحكمها العرض والطلب تحت تنظيم السوق، وهذا ما يفسِّر اجتهادهم بالإبقاء على فكرة أنَّهم ما زالوا هم «شباب وشابات الفود ترك» الذين ينظر إليهم المجتمع ويدعمهم كجزء من الأسر المنتجة التي تنقسم -كما أراها شخصياً- لثلاثة أقسام، نجد أنفسنا كمُجتمع مجبرين على التعاطف معها جميعاً حتى لو كان على حساب مصلحتنا أو راحتنا.
فهناك الأسر المُنتجة «غير المنتجة» بمعنى تلك التي تستغل مسمى الأسر المنتجة لتعتمد على العاملات المنزليات والعاملين في إعداد المنتجات فهؤلاء يعملون عمل المطاعم والمحلات التجارية ولكن دون رقابة أو معايير أو ضبط أو تراخيص، وللأسف بعضهم يعرضون منتجاتهم في محلات «تحالف» الأسر المنتجة، التي اخترقتها أيضاً العمالة الرجالية المُخالفة بتأمين «المنتجات» وتصريفها عبر تلك المنافذ تحت راية «الأسر المنتجة» التي يرفعها الجميع، وفي النهاية أنا وأنت من ندفع مرتبات هذه العمالة ونضمن أرباحها، الجزء الثاني كما تناولته في بداية المقال هم شباب وشابات «الفود ترك» وهؤلاء فئة منتجة من نوع «المودرن»، منهم من يستحق الدعم والمُساندة والتعاطف من المجتمع، فمنتجاتهم جيدة وأسعارها مقبولة، ومنهم من يستغل هذا التعاطف بالمبالغة في الأسعار لتتجاوز أسعار منتجات بعض فروع «المطاعم والكوفيات العالمية»، وقد وجدت من أصحاب «الفود ترك» موظفين في وظائف وتخصصات «مرموقة» جعلوا من هذه العربات «منافذ» لمُمارسة هواياتهم وقت الفراغ إمَّا بالشراكة مع بعض العاطلين أو باستئجارها لأوقات محدَّدة. أمَّا الجزء الثالث الذين يستحقون أن نتحدث عنهم بشيء من التفصيل، فهم «التائهون» بين تلك الفئات.
هؤلاء يستحقون فعلاً الدعم والمساندة والتعاطف رجالاً ونساءً، فقد فقدوا فرصة التعليم والتدريب والتأهيل لإظهار أنفسهم بالشكل الصحيح أو التعريف بنشاطهم في ظل المنافسة الشرسة وتوفر الإمكانات المالية والتطبيقات التقنية عند «فئة شابة مُحترفة» نجحت في الظهور للمجتمع كأسر مُنتجة بإحدى «الصيغ السابقة»، بينما من هؤلاء الذين يعيشون على هامش حد الكفاف «أرامل، مُطلقات، عاطلات، مُسنَّات» وغيرهنَّ الكثير، يبحثن عن حياة كريمة، وربح حلال يسد احتياجاتهن بعيداً عن السؤال، يجب أن لا تُلهينا التطبيقات الإلكترونية، وأنوار وبريق عربات «الفود ترك» عن رؤيتهن ودعمهن، فهن أصل «الأسر المُنتجة» التي كسب من ورائها كل من سبق برفع «رايتهم».
وعلى دروب الخير نلتقي.