د. شذا عبد العزيز العجلان
يكثر اللغط والحديث في الفترة الماضية حول مواضيع تحليل الشخصية، فهناك من يدعي قدرته على تحليل الشخصية من خلال خط اليد، وآخر من خلال التوقيع، وثالث من خلال وضعية النوم، ورابع من طريقة جلستك وغيرها الكثير!!
وكأن تحليل الشخصية مجرد نقاط محددة، كلٌ منها يقود لما يليه أو خطٌ مستقيم بين نقطتين، متناسين ما للتربية والبيئة والرفقة -والمناخ كذلك- من تأثير على الشخصية والصفات العامة للفرد، وفيما يلي أورد مقالاً -إن صح تسميته بذلك- لزميلي دكتور سرحان العتيبي حول تحليل الشخصية، استفدت منه كثيراً وأرجو للجميع الفائدة كذلك.
وإليكم ما كتبه دكتور العتيبي.. نُفاجأ بين الفترة والأخرى بمن يدعي تحليل الشخصية من خلال خط اليد أو من خلال التوقيع أو غير ذلك.
والحقيقة أن هذه الكلمة الغامضة وغير الدقيقة (التحليل) غير مستخدمة في علم نفس الشخصية والمصطلح المستخدم هو قياس الشخصية.
وقد ولج هؤلاء القوم لهذا العلم من خلال هذا المصطلح الغامض (التحليل) الذي لا يكاد يستخدمه علماء النفس إلا عند الحديث عن مدرسة التحليل النفسي أو في الإحصاء عند الحديث عن تحليل البيانات.
أما القياس العلمي للشخصية فهو يحتاج إلى إجراءات وملاحظات ومقابلات ومقاييس.. إلخ. ولكي نصل لقياس دقيق للشخصية يفترض أن نستخدم أكثر من طريقة وأداة.
فكيف يدعي المدعون أنهم باستخدام طريقة واحدة غير علمية أصلاً يستطيعون قياس الشخصية التي قد يعجز عنها المختص الذي يستخدم عدة طرق علمية وموضوعية؟!
إن أي قياس لا بد أن يرتكز على نظرية معتمدة ومثبتة علمياً يستند عليها، لأنه كما يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل إن:
*التجربة بلا نظرية عمياء ... والنظرية بلا تجربة عرجاء*
فقل لي بربك أي نظرية يرتكز ويستند عليها هؤلاء القوم؟!
بل ما هو الأساس المعرفي الذي ينطلقون من خلاله؟!
إن الشخصية نمط فريد يميز الإنسان عن غيره، وهو نمط مركب ثابت ودائم إلى حد كبير مكون من أفكار ومعتقدات ومن مشاعر وانفعالات يتأثر بالبيئة والوراثة والثقافة والأسرة.. إلخ.
*إن قياس الشخصية ينبغي أن ينطلق من مخزون معرفي أصيل ومن نظرية علمية معتمدة*
فهل يعي هؤلاء القوم هذا الأمر وهذا التعقيد؟!
انتهى حديث دكتور العتيبي، وأعود هنا معقبةً على ما سبق بأن علينا كأفراد واعين ومثقفين ألا ننخدع بهذه الادعاءات وألا نسمح لهؤلاء الأشخاص باستغلالنا بما قد يدعونه له من دورات أو تحليلات بمقابل مادي حتى وإن كان رمزياً، بل علينا كأفراد مجتمع مثقف واعٍ أن نقف أمام هذه الادعاءات ونضع نهاية لكل من يحاول إثارتنا واستمالتنا لاكتشاف أنفسنا والتعرف على ذواتنا، فلا أفضل من وسيلة لفهم الذات ومعرفة الشخصية من حوار الذات وتقييمها وملاحظة أخطائها ومحاولة علاجها، فهذا هو حقاً ما سيساعدنا في معرفة شخصياتنا وتلافي أخطائها وتحسين قدراتنا ورفع كفاءاتنا.