محمد آل الشيخ
القدرة على القيادة والتغيير والإصلاح تحتاج دائمًا وأبداً إلى قدرات استثنائية في الإنسان، وثقة في النفس، ورباطة جأش تجاه تحمل ردود الأفعال، وإيمان عميق بما يفعل، غير مكترث بجعجعة المجعجعين، أو مزايدات المزايدين، وهذا ما ينطبق على تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ فكأني به يعمل وينجز، ثم يلتفت إليهم وهو يضحك ساخرًا بما يقولون ويعلقون وينددون؛ فمن الواضح الجلي أنه ينطلق نحو هدفه وغاياته كالسهم، والقيادي في هذه القضايا يجب أن يكون متحليًّا بهذه الصفات، خاصة وأن ما اضطلع به سواء حينما كان مسؤولاً عن الرياضة، أو حينما اضطلع بالمهمة الأصعب والأكثر حساسية وهي (الترفيه)، في مجتمع كان منغلقًا ومتقوقعًا على نفسه، وكأنه يعيش خارج العصر بل وخارج التاريخ؛ لذلك كانت ردة الفعل على الانفتاح الثقافي والرياضي وخاصة الفني الذي تقوم به هيئة الترفيه، انقسم حوله الناس في الغالب إلى فئتين: الفئة الأولى الشباب الذين أعمارهم من الخمسة والثلاثين وما دون، فقد كان أغلب هؤلاء معه، ومع قراراته وفعالياته، بحماس وإعجاب منقطع النظير، وهؤلاء حسب الإحصاءات الرسمية يمثلون أكثر من ستين بالمائة تقريبا من السعوديين. الفئة الثانية هم من كانت أعمارهم فوق الخمسة والثلاثين، هؤلاء بعضهم متحفظون، وبعضهم مناوئون، والبعض الآخر يساندون هذا الانفتاح، لأن معظمهم مثقفون، ويتفهمون أضرار وانعكاسات التقوقع السلبية، وأخطرها (الإرهاب)؛ فأنا على ثقة كاملة أن لانتشار ثقافة الإرهاب عوامل كثيرة، من ضمنها الانغلاق، وتغييب الترفيه، وإجبار الشباب إلى سماع صوت (الوعظ)، دائمًا، وفي كل حين. وهذا ما يوافقني عليه كثير من الاختصاصين الاجتماعيين.
وقد لفت نظري حديث للإعلامية الكويتية المعروفة (فجر السعيد)، وهي تبدي إعجابها بالفعاليات الترفيهية النشطة، وتتمنى لو أننا (نعير) لهم (تركي آل الشيخ) لإعجابها بما غير في مجتمعنا تغييرًا سريعًا، وفي وقت قياسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وفي المقابل هناك من يقتات على التذمر، والانتقاد، لمجرد الانتقاد، أو هو ما زال يسير في ركب الصوت التقليدي الذي تعود عليه، كما يتعود الخروف من القطيع، فتراه يتلمس الأخطاء ويبرزها، ولهؤلاء أقول: لا يمكن أن تكون عملية تتعلق بالتنمية البشرية، إلا ويكتنفها بعض الأخطاء، فالوحيد الذي لا يخطأ هو ذلك الإنسان الذي لا يعمل.
وهنا لا بد من القول إن الأمير محمد أول ما عينه في هيئة الرياضة ظنوا أن هذا التعيين نتيجة لصداقته وقربه منه، غير أنه غير خارطة طريق الكرة السعودية، وجعلها أكثر اتساعًا من أربعة فرق تتنافس على احتكار البطولات، إلى عدد من الفرق، منتشرة في كل أجزاء البلاد، وهذا الاتساع كان غاية في الأهمية، فقد زاد التلاحم بين المناطق، وجعل فرقها على درجة من المساواة بالقدر الذي جعلها مؤهلة لنيل البطولات، مثل بقية أندية مدن المناطق الكبرى، الأمر الذي رسخ جذور الوطنية، وأشعر الجميع بالعدالة.
وفي هيئة الترفيه وبشهادة الجميع داخل المملكة وخارجها حاز على قصب السبق، فحقق في أشهر من أهداف القيادة في هذا المجال ما عجز غيره عن تحقيقه في سنوات، رغم حساسية (الترفيه)، وممانعة كثيرين لما كان يمارسه بشجاعة من فعاليات، إلا أن الرجل إذا وثق في نفسه، وفيما يفعل، فدائماً وأبداً لا يكترث بكلام المثبطين والحسدة، قدر ما يكترث ويصرف جل اهتمامه، وسمعه وبصره لأن يقوم الانحرافات إن كان ثمة انحرافات، ويصوبها.
طبعاً كان الفضل الأول للملك سلمان ولولي العهد الأمير محمد، فلو لم ينل ثقة ودعم القيادة ووقوفها معه، لما حقق كل هذه الإنجازات التي جعلته محل إعجاب القريب والبعيد.
إلى اللقاء