د. محمد عبدالله الخازم
كتبت المقال السابق بعنوان (الممرضة ليست موظفة استقبال) معترضًا على دعوة تأهيل خريجات الكليات غير الصحية لمدة عام على رأس العمل لتولي مهام التمريض في العيادات الخارجية، وذلك من نظرة قاصرة لأدوار الممرضة بصفة عامة، ومستويات تأهيلها كممرضة أو مساعدة. وهنا إيضاحات إضافية:
نبدأ بهيئة التخصصات الصحية التي ما زالت تريد لعب كل الأدوار، ولا تتعلم من تجاربها السابقة مع المعاهد الصحية حينما قامت بكل الأدوار، وانتهت إلى ما انتهت إليه من إقفالها، وخلق مشاكل كبرى لخريجيها.
سبق أن طالبنا - ونكرر - الهيئة بأنه يجب أن يكون دورها وضع معايير الممارسة لكل مهنة، ومنح رخص الممارسة بناء على ذلك. يفترض أن لا علاقة لها بالإشراف على التدريب أو تخريج المتدربين أبدًا. والمهمة أصبحت أسهل بوجود هيئة تقويم التعليم والتدريب التي يجب أن تأخذ دورها في اعتماد البرامج التدريبية والأكاديمية، منها برامـج الدبلومات الصحية.
هيئة التخصصات صرحت لبرامج مثل بعض المختبرات لخريجات العلوم -رغم تساؤلي حول دورها في رخص التدريب- ولا أرى بأسًا في تلك البرامج وفق معايير، منها أنها ذات مهارة واحدة أو مهارات محدودة، ليس لها احتكاك كبير/ مباشر بالمريض، ليس لها هوية كتخصصات مستقلة وفق الأعراف الأكاديمية، تعتبر ضمن امتداد تخصصات البكالوريوس السابقة مثل المختبرات لخريجي العلوم، وأن تكون تدريبية لا تتجاوز العام.
اعتراضي هو شمول ذلك برامج مثل مساعدة التمريض أو علاج الأسنان أو التأهيل؛ إذ إن لها معايير أكاديمية ومهنية مستقلة، وذات مهام متعددة، وتتطلب تأهيلاً أكاديميًّا وتطبيقيًّا، يتجاوز العام.. إلخ. إذا كانت الهيئة ترى الحاجة للتوسع فيها فعليها مناقشة ذلك مع الجهات التعليمية الصحية، إما بإعادة فكرة الكليات الصحية المتوسطة، أو تبنيها عن طريق كليات العلوم الطبية التطبيقية.
أكرر: هيئة التخصصات ليست معنية بالتعليم والتدريب، وإنما وضع معايير الممارسة والرخص والتصنيف فيها. هيئة التخصصات الصحية مهمتها علمية مهنية، وليست توظيفية؛ فلا داعي للعب على العواطف بمسمى التوظيف!
الموضوع هنا يتركز على موجة التدريب التي تشترك فيها هيئة التخصصات الصحية مع صندوق الموارد البشرية. وهناك موضوع أكبر، أتمنى أن يتوجه له تعليمنا، يتمثل في إعادة النظر في مدخلات الكليات الطبية والصحية، بحيث لا يدخلها الطالب بعد الثانوية مباشرة، وإنما بعد الحصول على درجة بكالوريوس وفق معايير واختبارات معيارية محددة، أسوة بنموذج شمال أمريكا وغيرها من الدول. وقد ناقشتُ النموذج المقترح في كتابي «جامعة 2030» لمن أراد التوسع في فهم النموذج المقصود.
أعود إلى نقطة أشرت إليها أعلاه: نحتاج إلى مشاركة هيئة تقويم التعليم والتدريب في مناقشة برامج التدريب واعتمادها مثل غيرها من البرامج؛ فتلك مهمتها التي يجب أن تُسحب من هيئة التخصصات الصحية، وإن احتاج الأمر إلى استعانة هيئة التقويم بمتخصصين في المجال الصحي فلا بأس في ذلك.
تذكروا: التدريب المهني أو الفني معاييره متشابهة، والاختلاف فقط في المحتوى. وهيئة التخصصات الصحية مجالها يجب أن يركز في منح رخص الممارسة المهنية والتصنيف، وليس الجري وراء فرصة الكسب المادي!