عيسى الحكمي
الرياضة بشكل عام وكرة القدم بوجه خاص وجدت لأهداف نبيلة وهي جزء من برامج جودة الحياة ونشر القيم والمحبة والتقارب بين الأشخاص والشعوب، ولم تكن يوماً لغير ذلك.
قديما كانوا يعلموننا في المدارس أن العقل السليم في الجسم السليم، وعندما كبرنا تعلمنا معنى التنافس الشريف والروح الرياضية.. «ابتسم عند الهزيمة وتواضع عند الفوز»، واليوم وقد تقدمت لغة العصر ووسائله ومداركه أصبحنا نشاهد النماذج الحية التي تذكي تلك القيم سواء من خلال المنافسات المحلية أو الخارجية التي يحرص كل بيت على متابعتها والتفاعل معها لدرجة التشجيع والبحث عن كل مستجداتها، فأصبحت المعلومة عن برشلونة وريال مدريد ومانشستر وليفربول وبايرن ميونخ.. وعن النجوم ميسي ورونالدو وهازارد ومحمد صلاح وغيرهم، تملأ كل بيت سعودي كما هو كل بيت في العالم، وقس على بقية الألعاب بحسب اهتمام كل شعب وفرد.
هذه الثقافة المعلوماتية عن الرياضة والمتابعة لأحداثها فرقاً ولاعبين أعطت مساحة كبيرة لطرد المفردات القاسية وقمع العنصرية ونبذ التعصب الذي يعشعش في بعض العقول.
ما جعلني أكتب تلك المقدمة كثير من النماذج التي تخرج علينا من حين لآخر بمخرجات مفاجئة في هدفها وتوقيتها وحتى في إستنادها، من ذلك ما كتبه الزميل العزيز المهندس سليمان الجعيلان في زاويته الأحدية تحت عنوان: «كره الهلال وعقدة القاعدة»، وتحت ذلك كتب في كل سطر متهما النصر بكل أطيافه الجماهيرية التي عددها تباعاً (بالكراهية والعدوانية في الرياضة، وأنهم ضحايا لفكر المؤامرة وثقافة المظلومية، وأنهم حبيسون لمناوشات وتجاذبات جماهيرية تشكك وتطعن على حد وصفه في بطولات أندية منافسة، ليس هذا وحسب، بل زاد أن فئة من النصراويين هم مصدر لترويج ثقافة التعصب والاحتقان، ويذهب بعيداً عندما يتهم فئة أخرى بأنها عندما تتحدث عن النصر تنسى القيم والمبادئ التي ترفعها، الأدهى من ذلك ذهاب الزميل العزيز إلى التساؤل عندما يقول: «إلى متى يدفع المشجع النصراوي ثمن تغذيته وتربيته وتنميته على كره الهلال أكثر من حب وعشق فريقه النصر؟».
يا للهول!!، هل يعقل أن تكون تربية المشجع النصراوي بهذه البشاعة لأنه فقط لا يحب «الهلال»، والأهم كيف تريد منه أن يحب الهلال وهو يقرأ مثل هذا الطرح من قلم محسوب على الهلال..؟!.
الزميل العزيز: الهلال نادٍ عريق وشقيق للنصر والتعاون وبقية الأندية.. وفي كل منزل يوجد النصراوي والهلالي والتعاوني والأهلاوي والاتحادي وغيرهم؛ جميعهم أخي سليمان وأنت منهم يجلسون على مائدة واحدة ويسهرون في استراحة واحدة ويظهرون في برنامج واحد ويعملون في مختلف القطاعات معاً، إذا شاعت الكراهية التي تتحدث عنها بينهم كيف سيكون ناتجهم ومجتمعهم الموحد؟!.
يبدو أن مهندسنا الغالي فات عليه أن الحياة ليست تشجيع فريق وشهرة حتى نخلط الأوراق بها ونظهر جزءاً من مجتمعنا المتحضر والمثقف والمتجدد بهذه الصفات، الرياضة لم توجد لننتصر لذاتنا ونجدد عقدنا الخاصة تحت شعارها، الرياضة مساحة للفرجة والمتعة والتسلية والاستثمار وتغذية الأرواح بالطاقة الإيجابية.
توقفت في مقالك عند عبارة «فكرة المؤامرة وثقافة المظلومية» التي تحاول إلصاقها فقط بالنصر ومشجعيه وهي عبارة مطاطية لها معانٍ وعمق عند من يتوقف على معنى المؤامرة ،»اختصاره» أن من يفكر بهذا تفكير دائماً هدفه مصلحي وبالتالي فهذا الفكر يتنقل بين الناس صغيرهم وكبيرهم وبين المجتمعات والسياسيين بحسب المصلحة، لذا ما رأيك أن نسترجع ما كتبته في مقالك هنا بتاريخ 28 إبريل 2019 وأنت تتحدث عن شأن فريقك المفضل الهلال تحت عنوان «الهلال ضحية التدوير أم التدمير»؛ حيث كتبت بعد الخسارة من التعاون «0-5» نصاً (حقيقة ما حدث ليلة الجمعة لفريق الهلال على ملعبه وأمام جماهيره هو تشويه لتاريخ الهلال وإساءة لاسم الهلال أسهم فيها ويتحملها بالدرجة الأولى إدارة نادي الهلال التي فشلت في البداية في المحافظة على مكتسبات الفريق الفنية والمعنوية قبل حضورها وعجزت عن الدفاع عن حقوق فريقها بعد مجيئها في الوقوف والتصدي لممارسات خارجية أمعنت وتمادت في إلحاق الضرر بفريق الهلال.... إلخ».. أليس ما سبق يقع ضمن فكرة المؤامرة وثقافة المظلومية!! التي يراها أحد أهم الأقلام المحسوبة على الهلال؟!.
زميلي العزيز: عقدة النقص التي ألصقتها بالنصراويين بسبب إنجازات الهلال كما تقول، من أين أتيت بها؟.. لكلٍّ إنجازاته وبطولاته، الهلال حقق البطولات وتفرد بكأس المؤسس كروياً، والنصر شرب من جميع البطولات وتفرد بالعالمية وكأس دوري المجدد.. الهلاليون رقصوا فرحاً ليلة «الجحفلة»، والنصراويون لا يزالون يحتفلون بليلة «البرونة» والروح الجميلة تجمعهم.
ختاماً: النصر والهلال عينان في رأس، تجمعهم المحبة والتنافس الشريف والحب المتبادل وحتى «الطقطقة»، جميعهم فرق وطن واحد وجماهيرهم يجمعها المنزل الواحد والعمل والملعب والوطن الكبير.. فلنسهم جميعاً في تنمية الروح الرياضية والتسامح في إطار المنافسة الشريفة والراقية بعيداً عن المفردات التي ينتصر بها الشخص لذاته فقط!!.