سمر المقرن
من أكثر الجُمل تداولاً في السنوات الأخيرة (إسقاط الولاية) هذا المسمى الذي أشعل مناقشات لم ينطفئ لهيبها إلى اليوم لأسباب كثيرة، فقبل ظهور مراهقات تويتر ممن يدعين أنهن (نسويات) اللواتي خرجن من تحت جلباب قيادات تعمل لصالح جهات خارجية يدعين كذلك (النسوية)، ما جعل عددًا من المراهقات يتحمسن خلف هذه الخطابات العادلة في ظاهرها الحقوقي، لكنها تُبطن لهذا المجتمع الكثير من السوء لأن الهدف لم يكن في يوم من الأيام حصول المرأة على حقوقها، إنما الهدف هو الإثارة والتجييش ضد الوطن وضد المجتمع، وقد تم استخدام عددٍ من مراهقات تويتر ممن لم تتجاوز أحلامهن جواز السفر والانطلاق بدون إذن ولي الأمر. مع أن مفهوم ولاية الرجل المعمول به في المجتمع أكبر بكثير من هذه الأحلام البسيطة، وهي حق أن تسافر بدون ورقة أو تصريح، لكنني أعيد ما قلته كثيرًا أن الفتاة السعودية والمرأة الوقورة لن تسافر بلا إذن ولن تصعد الطائرة بدون أن يعرف أهلها، فالشيء الطبيعي أن يسافر الرجل ويبلغ أهله وكذلك المرأة تسافر وتُبلغ أهلها، لأن هذه هي طبيعة مجتمعاتنا العربية فلم نسمع يومًا عن امرأة مصرية أو سورية أو خليجية وهي بإمكانها السفر دون تصريح أن سافرت وضربت بعرض الحائط كل المعايير الاجتماعية عدا حالات شاذة تمامًا كما أن لدينا حالات شاذة، لكن الفرق أن السعودية مستهدفة وغيرها غير مستهدف!
سنوات طويلة وأنا مع عدد قليل من زميلاتي وزملائي في الوسط الإعلامي ننادي بتقنين الولاية ورفع الظلم عن المرأة وكان وقتها مراهقات تويتر (النسويات) لم يتجاوزن سن الفطام، واستمرت رسالتنا لأن رفع الولاية عن المرأة حق من حقوقها سواء في موضوع السفر أو غيره، لكنني لا أحبذ مطلقًا استخدام لفظ (إسقاط) لأننا لسنا في حرب بل نحن مجتمع نكمل بعضنا البعض نساء ورجالاً، والأفضل أن نقول تقنين أو تنظيم الولاية سواء بالسفر أو حتى في بعض الحالات التي يكون فيها الولي لا يخاف الله ويستخدم نفوذه، والحق يقال إننا في السنوات الأخيرة تقلصت كثيرًا الحالات التي يُمارس فيها بعض الأولياء ممن لا يخافون الله سلطتهم على المرأة، لكن ما زال بيد هذا النوع الظالم من الرجال ممارسة الظلم عليها من خلال أطفالها، وهناك جهات شاهدة على بعض هذه الممارسات مثل المستشفيات وإدارات التأهيل الشامل الخاصة بالمعوقين وغيرهم.
الرجل في مجتمعنا لديه خوف وتوجس من فكرة تجريده من الولاية، وأنا هنا لا ألومه لأنه يرى نماذج سيئة جداً من التمرد والقرف ومن حقه أن يخاف على أهله وبناته، لكنني هنا أقول لهذا الرجل لا تخف لأن المرأة والفتاة السعودية الأصل فيها الخير، والنماذج السيئة والمتمردة لم يمنعها في يوم ما عن سلوكياتها لا تصريح السفر ولا غيره!
الحق أن يكون للمرأة الحياة في هذا المجتمع مثل الرجل تماماً، وأن يكون سن الرشد في عمر 21 سنة للجنسين، وأنا على ثقة بأنها لا يُمكن أن تخذل أهلها ولا وطنها ولا مجتمعها، أما من أقدمت على الهروب وتشويه السمعة فقد خذلت نفسها قبل أن تخذل أهلها ووطنها!