رمضان جريدي العنزي
الوطنيون الحقيقيون هم الذين يضعون مصلحة الوطن فوق مصالحهم الضيّقة، لا يعرفون الانتهازية البشعة والأنانية الضيّقة ويرفضونها، ويعملون من أجل الوطن وله، لهم انتماء مطلق وولاء لا حد له ولا سقف، لا يتحايلون على الأنظمة، ولا يحاولون كسرها، ولا يتكسبون بطرق غير مشروعة ومنافية للأنظمة والقوانين، وينأون بأنفسهم عن اللقمة الحرام، والدخل غير المشروع، ويرفضون رفضاً باتاً كل مخرجات الغش والتدليس. إن الوطني الحقيقي له سمات السمو والتألق والرفعة والإنسانية، والإحساس الكبير بالوطن يراقب الله به ويخافه، ولا تنطوي سريرته إلا على أفضل النيّات له، أن الوطني الحقيقي هو الحريص على أن لا تمس أنظمة وطنه بشيء وإن كان مثقال ذرة. إن مسألة العمالة العشوائية السائبة، وبأعدادها الكبيرة والضخمة والمتنامية، والتي تقدَّر تحويلاتها السنوية بعشرات المليارات، تلزم الوقوف عندها ومعالجتها ومحاسبة كل مواطن متسبب بها ومتستر عليها دون رأفة ولا هوادة. إن أرقام التحويلات المتداولة تدعو للاستغراب والدهشة، أن المواطن الذي يرهن نفسه لفتات قليل يأخذه من العامل نظير تركه يعمل لحسابه الخاص دون رقابة ولا محاسبة ولا تدقيق في المداخيل، يعني أن هذا المواطن متهاون جداً بالأنظمة، لا يعبأ بها، ولا يدير لها شأن، وخلده مشغول عنها، وهذا الموقف من المواطن سلبي وغير مسؤول وعليه يجب الردع والمحاسبة والعقاب. إن الأنظمة في هذا المجال واضحة جلية وبائنة للعيان، ومع ذلك نجد البعض من المواطنين يحاول الهروب والمراوغة والتخفي من هذه الأنظمة، بل يصب جام غضبه على من يتحدث بهذا الموضوع أو يثيره، ناسياً تجاوزاته واعتداءاته على الأنظمة والقوانين، بل يعد ما قام به فساداً بلغ ذروته، فهل من المنطقي والمعقول أن نسكت ونحن نرى مالنا ومستقبل أجيالنا يحول بالمليارات للخارج دون فائدة ولا نتيجة ولا مردود على الوطن، وبطرق غير مشروعة لا نظامية ولا قانونية، أسها الغش والزيف والتدليس والخداع. إن الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي يدعونا إلى أن نثير هذا الموضوع وعلى نطاق واسع، والمطالبة بمحاسبة كل مواطن قصَّر أو تهاون أو تعاون أو خالف الأنظمة، والضرب بيد من حديد في مضمار تتبعهم وإنزال العقوبات الصارمة بحقهم. إن ما يقوم به هذا البعض من المواطنين يعد دوراً سلبياً بالغ الخطورة على الصعيد الأمني والاقتصادي والاجتماعي.إن الأضرار من هذه الأعمال المنافية للقوانينالأنظمة جسيمة وبالغة، تنسحب آثارها السلبية على الوطن والمواطنين، وتسبب المشكلات والأزمات، ويستحق كل من عمل بها النقد والاستهجان والنفور الشديد. إن اللا مبالاة التي ارتضاها بعض المواطنين لأنفسهم في هذا الشأن، كلَّفت الوطن مليارات الريالات هكذا هباءً منثوراً، لأنهم قدموا مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن والمواطنين، ومنحوا العمالة السائبة الفرصة على طبق من ذهب، وشاركوها النصب والغش والاحتيال والتكسّب غير المشروع، وهذا عملاً لا يمكن القبول به أو تركه أو التغاضي عنه، ولكي نحد من هذا المشكلة المزمنة، وانتصاراً للوطن والمواطنين، لا بد أن يتجرّع المقصّرون المتهاونون المتعاونون الجالبون للعمالة وجعلها سائبة كؤوس العقاب، لأنهم استهانوا بمصلحة الوطن العليا، وتجاوزا حرمة القانون والنظام وخطوطه الحمراء.