زكية إبراهيم الحجي
تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات بنعمة عظيمة ألا وهي نعمة العقل.. وهذه رائدة النعم التي أنعم الله بها على الإنسان.. فالعقل مَلَكة الإدراك والتفكير والإبداع.. وقد عرف التاريخ البشري رجالاً ونساءً وهبهم الله عز وجل ملكات عقلية لا حدود لها تميزاً وإبداعاً إلا أنهم تباينوا في طريقة توظيف هذه الملكات.. فمنهم من سخر عقله لخدمة البشرية فقدموا إنجازات عظيمة وخدمات علمية وفكرية جليلة رفعت من شأن البشرية ونقلتها من حالٍ إلى حال.. ومنهم من وظف ثمرات عقله أسوأ توظيف فكانت وبالاً على البشرية.. وليس من يرى بمقلة العين كمن يرى بعين العقل، ولأن المنطق مقيدٌ بالعقل وليس العقل مقيداً بالمنطق فإن عقل الإنسان وما يدور فيه من أفكار عدة متباينة ما بين الإيجابية والسلبية يُشكل مسار حياته مثلما يتشكل الفخار في يد الصانع، ومن يسيطر عليه التفكير السلبي يبقى سجيناً في إطار دائرة أفكار تشاؤمية.. ومشاعر قلق ويأس ما يدفع صاحب هذا التفكير أن يقترف أضراراً اجتماعية أو أخلاقية.. أو اقتصادية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.. أما من كان تفكيره إيجابياً فإن جُلَّ أفكاره وأحاسيسه تتمحور حول إمكاناته وقدراته وكيفية استثمارها والاستفادة منها بما يعود عليه ومجتمعه ووطنه بالخير والنفع.
التفكير الإيجابي المؤثر هو منطلق العقلاء والحكماء.. وبالتفكير السليم المبني على قناعات سليمة ومتجددة وبعيدة عن الانسياق وراء أي تأثيرات سلبية تتغير الشعوب والمجتمعات ويكون أفرادها أرقاماً مميزة في التنمية والتطور البشري.. وبالنظر إلى ما يتميز به هذا العصر من إمكانات أتاحها الفضاء الرحب المفتوح أصبحت النظرة إلى الشعوب هي تنمية عقول الشباب والأجيال بمهارات التفكير والإبداع فهي موارد لا تنضب، كما أن جيل الشباب هم من يملكون ناصية القافلة المتجهة نحو التغيير الذي تنشده المجتمعات عامة.
التفكير أداة الحقيقة التي يواجه بها الإنسان متغيرات العصر وبالتالي يقوده ذلك إلى التغيير المواكب للمتغيرات التي يشهدها عصر الثورة الرقمية وعليه فإن اهتمام المجتمعات أصبح ينصب على تنمية مهارات التفكير لدى أفرادها كي تستفيد منهم استفادة مثلى في عملية التنمية في مجالاتها المختلفة.. فالتغيير لا يمكن أن يتحقق دون توظيف العقل والفكر وإعمالهما في عملية التعلم.. وبالتالي تعزيز المهارات الابداعية لدى الفرد.. ولا شك بأن من أهم أرضيات التغيير توفر الجو المتسع لطرح آليات التغيير الجاذبة عقلياً وعلمياً وثقافياً.. وألا يكون على أساس العناوين البراقة دون عمق الهدف.
التغيير المبني على التفكير الإبداعي النابع من الشعور بالوعي والقناعة التامة بمدى جدواه يصنع واقعاً مدهشاً في جميع مساحات الحياة الإنسانية.