أ.د.عثمان بن صالح العامر
الثلاثاء الماضي كنّا نحن من عرف عن قرب، وتعامل بشكل مباشر مع رجل الدولة بامتياز الشيخ: محمد بن فهد بن سويلم (أبو سلطان) -رحمه الله- كنّا نعزي بَعضُنَا البعض، بعد أن نما إلى علمنا نبأ وفاته وانتقاله من هذا العالم الدنيوي إلى عالم البرزخ.
لقد شغل - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- منصب وكيل لإمارة منطقة حائل إبان كان صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز أميراً لها، وعُرف عنه طوال السنوات التي كان بيننا التعامل مع روح النظام لا نصه، والسعي الجاد لمساعدة الكل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، محباً للخير، حريصاً على الوصال والاتصال مع الجميع، مبادراً لكل ما فيه خدمة المنطقة وتطورها، نزيه اليد، عفيف اللسان، مقرّباً المخلصين الأمناء، واثقاً من نفسه ومناحاً الثقة لمن حوله، يعمل بصمت ولا يكل أو يمل، وطنياً حتى النخاع، مبتسماً في وجوه الجميع، مستشعراً مسؤولياته المباشرة وغير المباشرة التي يفرضها عليه وضعه الشخصي والعائلي والوظيفي والوطني والإنساني، معروفاً بين العامة قبل الخاصة في وقفاته الصريحة والواضحة مع الحق، ونصرة وإعانة المحتاج والفقير قبل الغني المقتدر، تواقاً دوماً للتميز في الأداء، والإتقان في العطاء، لا يبخل بنصيحة، ولا يخجل من نصح وتصحيح، حتى ولو كان من يسدي له القول أصغر منه سناً أو مرتبةً وعمراً وعلماً، خدم الوطن بأمانة وتفان وإخلاص أكثر من أربعين عاماً، تنقَّل بين مناطق المملكة (العاصمة الرياض، القصيم، حائل، نجران) وكان في كل هذه المحطات خير أنموذج وطني بامتياز، رجل دولة من الطراز الأول، فهو مع اختلاف البيئات وتنوّع الطبائع والمشكلات استطاع أن يكون قريباً من الناس، يخالطهم بأدب جم، يتلمس أوجاعهم اليومية، يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يتعامل مع قضاياهم بلمسة إنسانية راقية، ومشاعر أبوية حانية، يشعرك أنه هو المكلوم، وأنت من يتسنّم منصب وكيل الإمارة الذي سيتخذ فيما أهمك وأقلقك القرار، لا يتوانى عن تقديم واجبه الوطني ليلاً أو نهاراً، دقيقاً في مواعيده، منطقياً في تفكيره، منظماً في أعماله، منجزاً، مخططاً، مؤثراً فيمن حوله ومتأثراً في كل موقف يمر به، ذا غزارة معرفية، وحنكة إدارية، وسمت وصمت، ودماثة خلق، وكرم عشرة، وسداد رأي، وذكاء وخبرة، ودراية وقرار، يجيد فن قراءة الوجوه، ويملك مهارة معرفة الناس.
ابنا الراحل (سلطان، سعود) وزوجته (أم سلطان) وعائلة (آل سويلم) وأحبابه وأصدقاؤه وأصحابه، أحسن الله عزاءكم في أبي سلطان، ورزقكم الصبر والسلوان و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
إني معزيك لا إني على ثقة
من الخلود ولكن سنَّة الدين
فلا المعزِّي بباق بعد صاحبه
ولا المعزَّى ولو عاشا إلى حين
رحم الله الرجل الألف، وأسكنه فسيح جناته، فلقد عاش وطنياً، خادماً لهذا الكيان العزيز المملكة العربية السعودية محباً لقيادته ممتثلاً توجيهات ولاة أمرنا متمسكاً بسياسة بلادنا طوال مشوار حياته العملية، رحل ابن سويلم وهو سخيم القلب، طاهر النفس، نزيه اليد، نظيف اللسان، توفي أبو سلطان وقد خلف وراءه سمعة طيبة، وسيرة عطرة، وعطاء وبناء، وأيادي بيضاء، شاهدة له عند الله، والخلق شهداء الرب في هذه الأرض، دمتم بخير وإلى لقاء، والسلام.