د. علي بن فايز الجحني
تاريخيا احتدم التنافس الروسي - البريطاني على إيران؛ ما أرغم حكام إيران آنذاك على توقيع معاهدات أفقدتها سيادتها، خاصة ما بين عامَي (1813 و1828م). وقد تنبه إلى ذلك الملك «ناصر الدين شاه» الذي اعتلى السلطة في إيران بين عامَي (1848 - 1896م) وهدد جيرانه، واستولى على إمارة عربستان العربية وغيرها، وساعده في كل ذلك التوسع والعدوان تأييد ودعم الدول الاستعمارية، ومواقف الدولة العثمانية الانهزامية والمتخاذلة.
ومن المعروف أنه ظل إقليم الأهواز منذ عام 637 إلى 1258 تحت حكم ما يسمى بالخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الغزو المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724) واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها. ثم نشأت الدولة الكعبية (1724-1925)، وحافظت على استقلالها، وأثناء حكم الشيخ خزعل الكعبي حلت الكارثة بتلك الإمارة الغنية بالنفط، واحتلتها إيران واعتقل أميرها خزعل على ظهر طراد بريطاني.
ومن أهم أسباب الاحتلال الإيراني لهذه المنطقة الأهواز أو عربستان أو خوزستان كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة حيث يوجد بها نهر كارون أحد أكبر أنهار المنطقة، وهو نهر يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه مدينة الأهواز التي تعد المنتج الرئيس لمحاصيل عديدة مثل: السكر والذرة والقمح، وتسهم منطقة (الأهواز) بحوالي نصف الناتج القومي لإيراني، وأكثر من 80 % من قيمة الصادرات في إيران..
إضافة إلى ما سبق، فإن ما يثبت على أن النظام الإيراني نظام توسعي عدواني، ما حصل في عام 1971 حيث احتلوا جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزءًا من جزيرة أبو موسى، وذلك في عهد الشاه ثم جاء من أطلق على نفسه «الزعيم الإصلاحي» علي أكبر هاشمي رفسنجاني واستكمل في عام 1992 احتلال كامل جزيرة أبو موسى، وتكتسب الجزر الثلاث أهمية استراتيجية كبرى، ومن حينها يتجاهل النظام الإيراني عن عمد، حقائق التاريخ والسيادة العربية الإماراتية لهذه الجزر، ويستمر تعنتهم في عدم الاستجابة لصوت العقل وحق الجوار، وحل الأزمة بالطرق السلمية رغم نداءات الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجية عامة والإمارات العربية خاصة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يذعن النظام الإيراني وينأى بنفسه عن الاستبداد والاحتلال والتوسع، وبالتالي يعيد الجزر المحتلة لوطنها الأم ويطبق مبادئ حسن الجوار؟
والمتصفح لمواد الدستور الإيراني يجد أن النعرة الفارسية، والقومية، والنزعة الطائفية القائمة على روايات مكذوبة هي العنوان الأبرز في منطلقات سياسة إيران الخارجية، ففي المادة الـ(9) من الدستور تنص صراحة على أن «الجيش الإيراني لا يحمي الحدود الإيرانية -في زعمهم- بل إنه يتحمل أعباء الجهاد والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم». وهناك مواد أخرى في الدستور ضد التعايش، والأمن والسلم الدوليَّيْن، ومن ذلك اللجوء إلى التنظيمات والمليشيات الإرهابية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من نظام الملالي.
أما تمجيد العرق الفارسي الصفوي المتطرف شيعيا الذي يكيد للسنة فحدث ولا حرج؛ إذ إنهم اعتبروا يوم مقتل عمر -رضي الله عنه- عيدًا من أعيادهم، والقاتل «أبو لؤلؤة المجوسي» هو في نظرهم شجاع تشد الرحال إلى قبره، فضلا عن سب الصحابة وأمهات المؤمنين ورموز أهل السنة، وينظرون للعرب وحضارتهم العربية الإسلامية نظرة دونية، فقد أساؤوا إلى تاريخ العرب، وصوروهم بأبشع الصور.
وتأسيسا على ذلك، وتحت ذرائع ملالي إيران بالأمن القومي والفضاء الإقليمي، وخدمة الإسلام والمظلومين يظل سلوكهم السياسي والإعلامي والفعلي على أرض الواقع مصدرًا حقيقيًّا للإرهاب والقلاقل والطائفية والتوسع في المنطقة، ليس في الحاضر وحسب بل والمستقبل، فماذا يعني هذا في أبجديات العلاقات الدولية؟
هذا يعني أن فلسفة نظامهم السياسي وسياستهم الخارجية قائمة على ما يسمونه «تصدير الثورة والطائفية والإرهاب»، ظنا منهم أنها الضامن الوحيد على استمرار حكم الشعوب الإيرانية من جهة، ولصرف أنظارها عن أوضاعها الداخلية المزرية، وحالتها المتردية، من جهة ثانية..