مهدي العبار العنزي
في عالمنا العربي يعتقد الشخص الذي يكذب ويكذب حتى يصدقه الناس أنه البطل الذي يمحص الأمور، ويكون له مكان في البرامج السياسية وتكون إطلالته من خلالها بشكل مستمر. والأسباب تعود إما للبحث عن الشهرة أو المال أو أمور أخرى في نفس يعقوب أو هدف شخصي وخاص وتصفية حسابات.
وبما أن للشهرة ضريبة في كل دول العالم، إلا أن البعض يبحث خلفها ولو على طريقة «خالف تُعرف»، للحصول على ما يريد، حتى وصل الأمر إلى لبس عباءة العروبة والولاء لقضاياها، ويتم رميها بمجرد أن يحصل الشخص على مبتغاه؛ وقد ينقلب ويتم توجيهه حسب مصالح الجهة والأجندة التي اشتهر من خلالها وأجلها. نراهم اليوم يمثلون على العامة على أنهم صادقون وأهدافهم سليمة وغاياتهم نبيلة، وتشغلهم السياسة ولسان حالهم يقول «اكذب، اخدع لتحصل على هدفك حتى يقول الناس عنك إنك غيور، وفي، مخلص، ومنصف ومتبعا للحق ومعترفا به»، ومن ثم بث سمومك وأهدافك وأجنداتك تدريجياً، هؤلاء لا يمتون للإنسانية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، بل يتسلقون على أكتاف الأحداث والأزمات ويتلونون حسب ما تقتضيه مصالحهم، على الرغم من أن الشخص الذي يعمل على مصلحته يعتبر شخصا ذكيا وناضجا ولكن ليس على حساب القيم والحقائق ومواقف الشرف فهي حق للجميع يشترك فيها الكل صغير وكبير. ونستطيع القول إن قياس ذلك بشكل عام هو الصدق لا الكذب والوفاء لا التنكر والإنصاف لا الظلم.
إن الأهداف الشخصية التي تدفع هؤلاء للنيل من مكانة المملكة وقيادتها وشعبها الأصيل هي أعمال شريرة لا يقبلها العقل ولا يعترف بها أهل العلم ولا أهل الأخلاق ولا أهل الفضائل، هذه الأعمال لا يمكن القبول بها والسكوت عنها بل يجب تعريتها وردعها؛ ليعلم كل من يصفق لهؤلاء إعجابا بأنهم يكذبون وأنهم يخادعون وأنهم يزوِّرون وأنهم منافقون أعماهم المال وأعماهم الدعم الذي يتلقونه، ليس من أجل أطفالهم أو ظروفهم المادية والمعيشية والصحية، ولكن من أجل أن يصرخوا عبر قنوات الحقد ليشتموا مملكة العدل والمساواة، فهل يعترف أحد منهم بأن عمله محرَّم؛ لأن فيه القذف والتعدي على الناس وأنه باطل وعدوان صارخ ويؤثم فاعله، أين هم عن الارتباط والالتزام الأخلاقي والإحساس بالمسؤولية والأمانة الصحفية التي ضربوا بمكانتها وأهدافها عرض الحائط؛ للأسف التضليل وتحريف الحقائق آفة القرن ويجب علينا أن نعي خطورته، وأن يكون للمثقفين وإعلامنا ولكل مواطن دورا مهما في تعرية هؤلاء الحاقدين والمدفوعين والمرجفين، وفتح المجال عبر وسائل الإعلام للتحدث عن هؤلاء الشرذمة من المرتزقة والمنتفعين، وإيضاح الحقائق أمام الرأي العام داخليا وخارجيا، حتى يعرف الجميع أنهم حرَّفوا وكذبوا وتطاولوا وبدعم من أهل الشر الذين لا يريدون للأمة الخير، وعلينا إدراك أن الفعل عكس القول.. والله ولي التوفيق.