علي الخزيم
بعاصمة عربية؛ وأمام مكتب تابع للسفارة السعودية بذاك البلد استوقفني شيخ يبدو عليه الوقار والحكمة رغم قسوة الظروف عليه معيشياً قياساً على مظهره الخارجي؛ والرجال تقاس بالمخبر قبل المظهر، وبأدب جَم أخذ يشرح لي ظروف قراهم وأنهم أحوج ما تكون للمشروعات التي تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين بالبلد الشقيق كغيره من البلاد التي تنتشر بها المشروعات السعودية تلبية لمبدأ التكافل الاجتماعي بين الإخوة الأشقاء والمسلمين بكل بقاع الأرض، كما تشمل التجمعات الفقيرة بالبلاد الصديقة التي تستدعي حالتها تلبية احتياجاتها التنموية، تفهمت موقف الشيخ اللطيف الذي عرَّفّني بأنه شيخ قبيلته، وفهمت مقصده تماماً كما فهمت أنه قد أخطأ الرجل المقصود بالحديث إليه، فصحبته إلى داخل المكتب وأوضح له المختصون طريقة العمل وأولوية الاحتياجات.
ولم يستغرب موظفو المكتب حينها قدوم مثل هذا الشيخ إليهم فقد أفادوا أن حالات مماثلة تحدث إما لعدم ثقتهم بمسؤولي الأنحاء، وإما للتنافس على جلب المشروعات السعودية والخليجية لقراهم، أو أنها داخلة بإطار التنافس العام بين قبيلة وأخرى، غير أن الموقف قد استثار انتباهي وجعلني أرجع لبعض الإحصاءات التي تتوفر من مصادر إعلامية متعددة عندما تعلن عن مشروعات هناك وتذكر أرقام تكلفتها، فقارنتها بما تقدمه حكومة المملكة لوحدها لتلك الدولة من دعم مالي (نقدي) متكرر يصل أحياناً لمئات الملايين بالمرة الواحدة لا سيما إذا واجهت تلك الدولة ظروفاً طارئة كالحالات المناخية الصعبة مثلاً وتسببت بإتلاف الطرق والمزروعات ونحوها، فخرجت من المقارنة بأن المملكة ومعها (دول خليجية) تنفذ لتلك الدولة أبرز المشروعات التنموية: مستشفيات وطرق ومدارس وشبكات مياه واتصالات وغيرها، فأين تذهب الإعانات المالية السعودية لتلك الدولة؟ فإذا كانت لم تستثمر بتنمية البلد الذي كنت أراه بعيني أحوج ما يكون للتنمية البشرية والبنية التحتية؛ وإذا علمنا أن سلطات ذاك البلد مع كل ما قدم لها من أموال فهي تطلب المزيد، إذاً فالمنطق يقول: إما حضارة وتنمية؛ أو أموال مرصودة بالحسابات المالية للدولة؟ وكل هذا لم يتم!
مرت سنوات وإذا بزعامات تلك الدولة تقلب لحكامنا وقياداتنا وشعب المملكة (ظهر المِجَن) فتحولوا من المودة إلى العداوة الصريحة، وتأليب الآخرين لمناصبة المملكة العداء، فذهبوا ضحية لمخططاتهم الغادرة ونواياهم السوداء فمنهم من أبيد كما أباد هو منافسيه ببلده، ورهط كانوا بمعيته وطوعه وعلى خطاه، بعد أن كانوا سبباً بطريقة وأختها لتدمير البلاد وإفقار العباد وإذلالهم على أيدي طغمة (الجهل والفساد) التابعة للمجوس حكام طهران، وبقيت قيادتنا الصالحة الحكيمة وبلادنا الطاهرة كما هي بالأمن والصفاء والنقاء تقوم بواجبها كما هو ديدنها تجاه الإخوة والأصدقاء، ومن حاول الإساءة للسعودية سقط أو ناله من الأذى وسوء المصير، لأن السعودية بقيادتها وأهلها لا تضمر السوء ولا تحقد، تعمل الخير ومد يد العون للشقيق وللصديق وتقف مع الحق بوجه الظالم والتاريخ المنصف يشهد، ولعًنْتَرة:
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
ولا ينالُ العُلى من طبعهُ الغضبُ