أحمد المغلوث
الأسبوع الماضي ودَّعت الأحساء أحد رجال الإعلام الأوائل الذي كانت له مساهمات مختلفة في الحركة الإعلامية والثقافية وحتى الأدبية. نعم، ودعت الأحساء الأديب والقاص (جاسم الجاسم) إلى مثواه الأخير في بلدته التي أحبها وعشقها «الطرف». وكم تمنيت لو حظيت بوداعه في ذلك اليوم الحزين، ولكن لظروف خارجة عن إرادتي لم يُتَح لي ذلك، بالرغم من أنه أعطانا إنجازات مختلفة في مجال عمله الصحفي والإعلامي والأدبي، التي تنوعت حسب ظروف عمله، سواء كان محررًا أو كاتبًا أو محاورًا، بل إنه خاض في مجال التأليف وكتابة القصة القصيرة.. وكل مجال خاض فيه اجتهد وأعطى بما يُذكر ويُشكر.
وفي السنوات الأخيرة اتجه بقوة في مجال القصة القصيرة، وأسهم بالتالي من خلال هذه القصص في إثراء الحركة الأدبية والثقافية بالمملكة بشكل عام، والأحساء بشكل خاص.
وقبل عقود، وبالتحديد عام 1399هـ، اتصل بي طالبًا أن يزور مرسمي المتواضع؛ ليجري معي حوارًا «لقاء» لمجلة «العهد» القطرية؛ إذ كان يعمل فيها محررًا أيام كان مدير تحريرها الأديب الأستاذ «خليل الفزيع»، وسعدت بزيارته، وكان حوارًا مطولاً، نُشر على ثلاث صفحات داخلية.
والحق إنه كان محاورًا واعيًا، وكانت أسئلته مفعمة بالثقافة والمعرفة بالشأن التشكيلي.. بل إنه - رحمه الله - اتسم بخاصية، قليل مَن يعتمد عليها ممن يمتهنون العمل الصحفي، أو الإعلامي بصورة عامة، وهي حرصه على الحضور شخصيًّا خلال إجراء اللقاءات والحوارات. لم يكن يعتمد على «الفاكس» عندما بدأ في الانتشار، ولا حتى انتظار وصول الخبر إليه، إنما من أجل ذلك كان لا يتردد في أن يسافر إليه. كان يعشق العمل الميداني.
رحم الله جاسم الجاسم، وسوف يبقى في ذاكرة محبيه وعشاق الإعلام.. وتمنيت لو أن نادي الأحساء الأدبي قد وضع ضمن برامجه تنظيم ندوات وسهرات ثقافية، يتحدث فيها المبدعون عن تجاربهم، خاصة الذين تجاوزوا العقد الخامس؛ فمن المؤسف أن يرحل عنا بعضهم دون أن يعرف عن تاريخهم أحد رغم ما بذلوه طوال حياتهم من إبداع متميز كما رحل الأستاذ «جاسم الجاسم» وغيره.
فكم من مفكر وأديب وفنان من أبناء الأحساء بشكل خاص، والشرقية بشكل عام، تحدث عن تجربته الإبداعية، وحتى الاجتماعية أو الاقتصادية.. ففي الأحساء قدرات يجب أن تُسلَّط عليها الأضواء، والإعلام المرئي وحتى المسموع قليل ما يلتقي بهم.
نتمنى أن يستضيف النادي كلاً من معالي الدكتور عبد اللطيف الملحم الأديب الحصيف، والدكتور المفكر عبد الرحمن العصيل، والأديب خليل الفزيع، والأستاذ محمد الصويغ، والمربي الفاضل حمد أبو علي، ومعالي المهندس عبد اللطيف العثمان، وغيرهم الكثير من المبدعين في الأحساء.
كل شهر لو تحدث أحدهم في سهرة مفتوحة عن بداياته، مرورًا بجوانب مختلفة من حياته، وصولاً إلى ما وصل إليه وحققه من نجاحات أو حتى إحباطات، فلا شك أن هذه السهرة معه سوف تثري النادي، ويستفيد منها الحضور بصورة فاعلة وإيجابية.
النادي جزء منا، ونحن جزء منه.. فما أجمل أن يكون أشبه بالمرآة الشفافة والصادقة التي نرى من خلالها إبداعنا الحياتي على اختلاف أشكاله وأنواعه في مختلف المجالات..
نأمل أن يتحقق ذلك يا نادينا العزيز.. مع تحياتي.