رمضان جريدي العنزي
المتفائلون هم الناجحون في الحياة، هممهم عالية، وتطلعاتهم جبارة، لا يهابون التردد ولا الإحجام، ولا عندهم خوف من الفشل، بل يرفضون الفشل ويمقتونه، لهم خطة وغاية وهدف لشق الطريق نحو الوصول للمبتغى والمراد، الطموح عندهم هو مفتاح الفوز، والثقة بالنفس عندهم أس الحماس والإقدام، والطاقات العالية عندهم وقود النجاح والتميز، الإرادة الصلبة ورباطة الجأش والتصميم على المضي قدماً نحو ميادين الحياة وفجوجها خطتهم الممنهجة التي لا يحيدون عنها، لا يتذبذبون ولا يرتخون ولا يشعرون بالاهتزاز والاضطراب، شخصياتهم بارزة، وصورهم باهرة، وأذهانهم متوقدة، ما عندهم لف ولا دوران، ولا عجز ولا خور، ومعرفتهم بالواقع بليغة، يريدون أن يبنوا المجد من غير مراوغات ولا أمنيات، ولا أحلام راقدة، أن الخور النفسي هو أبشع ألوان التقعر والانكماش والإنطواء على الإطلاق، لذا هم يرفضونه ويركلونه، ما عندهم انفصام، ولا تردد، ولا نكد، ولا عاهات نفسية، ولا تصورات خاطئة، بصرهم حاد، ورؤيتهم نافذة، يعملون بجد ولا يعزفون عن العمل، يبتغون العلا والفضاء، يكسرون طوق التماهي والكسل، لهم علامات رشد ونضج، ويمقتون التهريج والكلام الممل، ويكرهون مجالس الفراغ، أدائهم عالي، ووقتهم دقيق، ومواعيدهم تمام، والثانية عندهم محسوبة وثمينة، يحبون القمم، ولا يودون سفوح الجبال، أقدامهم ثابتة لا تزلق، وقلوبهم كأنها المصابيح منيرة، ولا يعبأهون للضجيج المثار، فرسان في العمل، وفرسان في الأداء، وفرسان في النتيجة، رواد في المبادرات، ورواد في التخطيط، ورواد في الأحلام الواعدة، ما عندهم سخط ولا تبرم، ولا رواسب فشل، ما عندهم تناقض، وأقوالهم متطابقة، ويلتزمون الوعد والعهد والقول، ويتحملون الأمانة، وعندهم ركائز مبدأ ووئام وثبات، عندهم فطنة وذكاء، وسلاحهم الصدق، ما عندهم تملق، لكن عندهم حبور، يعشقون الحقيقة، ويرفضون زخرفة القول وأباطيله، فكرهم دائماً متوقد، ويدفعون أنفسهم للابتكار والتفاعل والإيجاب، ومهمتهم سامية، ما عندهم ذاتية، ولا نزعة فئوية، أو أحادية، ولا نرجسية، ولا يعشقون الأنا المفخمة، وسائلهم مشروعة في الكسب والتكسب، والأخذ والعطاء، ويرفضون الضلال في القول والعمل، حبلهم الأخلاقي متين، وميزانهم عادل، وتعاملاتهم نظيفة، لا غش ولا احتيال، ولا كذب ولا خديعة، لا حقد ولا ضغينة، ولا غيبة ولا نميمة، لا مكيدة ولا دسيسة، قلوبهم طاهرة تنبض بالصفاء والنقاء والهارة، عصاميون، تهتز أوتار قلوبهم للعطاء والإنتاج والابتكار، في نفوسهم تأملات، وفي أرواحهم تجليات، عكس الفاشلين، مليؤون بالإحباط والنحس والتطير والتشاؤم والنكد، تعشش في عقولهم خرافات الأباطيل، وأحلام العصافير، ويسكن أجسادهم الوهن والكسل، طائشون، ونزعاتهم طائشة، عندهم غياب عن الواقع، وأعوجاج حلم ورؤية، مفاهيمهم ممسوخة، ويتلاعبون بالكلام والأمنية، عندهم خرافة ووهم، وأطنان من الشتات العميق، ما عندهم واقع ناصع، ولا حقيقة مجردة، ولا اعتلاء شأن، ولا يعرفون طريق المجد والخلود، واهنون حد القاع، وأحلامهم واهنة، مشروعاتهم غير واعدة، وركضهم قصير، وتقبع في أرواحهم السماجة، عندهم الكسل داء عضال، والوهن عندهم خطير، فالفرق بينهم وبين المتفائلين كبير، والبون بينهم شاسع، مثلهم مثل النغمة العذبة، والنغمة النشاز، والشجرة المثمرة، والشجرة العقيم.