ميسون أبو بكر
إن أردنا إعادة النظر في تسمية دول العالم الثالث والعالم الأول والثاني ضمن تصنيف آخر يختلف عن الذي أطلقه الاقتصادي الفرنسي ألفريد سوفيه عام 1952، يمكنني حسب رأيي وتجربتي من ضمن تجربة الكثيرين من الذين يترددون ما بين دول أوروبا وأمريكا ويعيشون في الدول العربية، يمكنني أن أصنف دولنا العربية بدول العالم الأول إن عقدت المقارنة بينها وبين الدول الأخرى آنفة الذكر من حيث الرفاهية واستخدام التقنية، والعيش الرغيد، وتوفر سبل الراحة؛ حيث يلحظ الزائر أو الطالب أو المقيم بداعي العمل الفرق في الممارسات اليومية، وطريقة الاعتماد على النفس في كل عمل وفي كل صغيرة وكبيرة، واعتماد بعض المؤسسات على وسائل قديمة كالفاكس واعتماد البعض الآخر كليا على التواصل الإلكتروني، وغياب الإنسان عن الكثير من المرافق التي استخدمت الآلة أو التقنية بديلا عنه، وهنا على سبيل المثال لا الحصر في نقاط العبور من منطقة لأخرى في الطرق السريعة إن واجهتك مشكلة لن تجد عاملا للمساعدة السريعة، كذلك محطات الوقود وغسيل السيارات، إن لم تكن عارفًا وملمًّا بطريقة تعبئة الوقود وحدك كما الدفع آليا فلن تجد أي مساعدة من عامل موظف في هذه المرافق، وقد واجهت شخصيًّا هذه المشكلة حين رفضت الآلة بطاقة الفيزا خاصتي ولا يوجد سبيل للدفع النقدي، كما فوجئت بالمغاسل الآلية للسيارات دون عمالة فيها حيث يأتي الزبون ويبتاع تذكرة من محل (السوبر ماركت) في المحطة ويتوجه لركن سيارته في المكان المخصص وإدخال بيانات الدفع وهي طريقة اعتادها أهل البلد نفسه بحكم ممارستهم له واعتمادهم الكامل على أنفسهم وهو ما لم نعتده نحن الذين نعتمد على سائق وخادمة وعامل المحطة وعشرات آخرين باتصال هاتفي ودقائق معدودة يمكنهم الحضور للمنزل أو الموقع للقيام بمهام عديدة دون حاجتنا للانتظار.
المطاعم المفتوحة لدينا على مدار الوقت تقريبا بسبب توفر العاملين على عكس تحديد ساعات محددة للوجبات في أوروبا وأمريكا حيث يخصص للشيف وقت معين للحضور للمطعم أو الفندق لإعداد الوجبات، إمكانية الاشتراك في الأندية الرياضة التابعة للفنادق في بلادنا برفاهية عالية وعدم إمكانيتها في الغرب بسبب أمور التأمين على السلامة لزائر خارج الفندق وتعقيدات أخرى كثيرة.
في منازلنا عدد من السيارات وعدد من السواقين والخادمات وهذا لا يعني أنني أؤيد هذا البذخ بشكله الحالي، لكن يسر الحياة وسهولتها علينا في بلادنا وتوفير كل الإمكانيات لرفاهية الإنسان تجعلني أفكر في صعوبة الحياة حيث أمضي إجازتي، وبهذا الإنسان الأوروبي الكادح الذي يستهلك وقتا في القطارات والباصات لأنها أسهل عليه من توفير موقف لمركبته في الشوارع الضيقة وإن توفرت بعض المواقف ستكون باهظة عليه.
ناهيك عن صعوبة حمل الأمتعة وعدم وجود مساعدة في المطارات ومحطات القطارات حيث ذهب بي الأمر في محطة قطار إحدى المدن الإيطالية أن أصعد بحقائبي السلم الطويل الذي تجاوز خمسين درجة.
هل يمكن أن نتحول لأفراد يؤدي كل منا مهامه بنفسه؟ وهل يمكننا تقبل هذا النمط من الحياة في بلادنا؟ هل ستتحول حياتنا كصورة مشابهة لنمط عيشهم أم ستتطور الحياة عندهم لتحاكي نمطنا السهل والمريح؟ أترك الإجابة لك عزيزي القارئ.