فضل بن سعد البوعينين
تبقى المملكة في مقدم الدول الفاعلة في تحقيق أمن الطاقة من محورين رئيسين الأول ضمان إمداداتها، واستقرار أسواقها بعيدا عن المتغيرات الحادة؛ والثاني تبني برامج خاصة لتوفير الطاقة للدول الفقيرة، وهو ما أكده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الجلسة الرابعة من قمة أوساكا، والمتعلقة بالتغير المناخي والطاقة والبيئة؛ حيث شدد على أن المملكة تؤكد أهمية أمن وسلامة الإمدادات، غير أن الحاجة تستوجب وضع أُطرٍ مؤسسية لدعم الاستقرار في أسواق النفط، وتعزيزِ أمن الطاقة. فالمملكة تقوم بدورها المسؤول لضمان تلبية طلبات عملائها؛ واستثمار فائض الطاقة الإنتاجية لتعويض أي نقص مفاجئ في الإمدادات؛ كما أنها تستثمر جزءا مهما من مواردها المالية في قطاع الإنتاج؛ لتعزيز قدراتها من جهة، وضمان استدامة طاقتها الإنتاجية الفائضة من جهة أخرى.
وفي المقابل تحتاج المملكة إلى أمرين رئيسين؛ الأول ضمان وصول إمدادات الطاقة إلى جهتها النهائية من خلال تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لمواجهة الإرهاب الإيراني الذي يستهدف ناقلات النفط ومعامل الإنتاج ويسعى لعرقلة الإمدادات لأهداف سياسية صرفة. والثاني عدم اتخاذ قرارات تحيزية ضد النفط تحت غطاء التغير المناخي وحماية البيئة من الانبعاثات الضارة التي ربما تسببت بها الدول الصناعية على وجه الخصوص. فالمملكة؛ أكبر منتجي النفط؛ باتت أحد أهم الدول المستثمرة في مجالات الابتكار والاختراع في مجال الطاقة، إضافة إلى استثمارها في قطاع الطاقة البديلة لإنتاج ما يقرب من 200 جيجاوات، والوصول إلى مزيج أمثل من مصادر الطاقة المتاحة، تعزيزا لبرامج حماية البيئة التي باتت مؤطرة بأنظمة وتشريعات صارمة. «برامج كفاءة الطاقة» من البرامج المعززة لتوفير الطاقة التي أشار لها ولي العهد، وبالتالي حجم الانبعاثات الضارة.
ومن بين الجهود المهمة التي تقوم بها المملكة؛ سعيها لاستكمال منظومة اقتصادية مستدامة؛ عرفها الأمير محمد بـ «بالاقتصاد الكربوني الدائري» واعتبرها من الإسهامات الوطنية في إطار اتفاق باريس.
أما المحور الثاني المعزز لجهود المملكة في تحقيق أمن الطاقة فيرتبط بتأمين الإمدادات للدول الفقيرة؛ وهو محور اهتمامها قبل أن تُنشأ مجموعة العشرين؛ حيث دأبت المملكة على مساعدة الدول الفقيرة للحصول على الطاقة وفق برامج نوعية وسخية تهدف إلى تعزيز تنمية الدول محدودة الموارد، ومساعدتها لتوفير احتياجات شعوبها الضرورية. كان لافتا إشارة الأمير محمد لمبادرة «الطاقة من أجل الفقراء» التي أطلقتها المملكة في عام 2008م. حيث ركزت الدول الصناعية حينها على معالجة اقتصاداتها من انعكاسات الأزمة المالية العالمية؛ في الوقت الذي ركزت فيه المملكة على حقوق الدول الفقيرة المتضررة منها، دون أن تكون سببا فيها. لم تتوقف المملكة يوما عن دعم برامج أمن الطاقة للدول الفقيرة، ولم تتأخر عن ضخ الاستثمارات النوعية لتحفيز الابتكار والإبداع في مجالات الطاقة الأحفورية والطاقة البديلة مساهمة منها في ملف «التغير المناخي» الذي أخشى أن يتجاهل مصادر التلوث جميعها؛ فيكون غطاءً لإجراءات تحيزية ضد منتجي النفط مستقبلا.