عطية محمد عطية عقيلان
تسعى كثير من الهيئات الخدمية إلى توعية المستهلكين بأهمية ترشيد الاستهلاك حفاظاً على الموارد التي تقدمها وتوفير مال المستخدم، وتلجأ بعض شركات الخدمية كالكهرباء والماء على زيادة التعرفة بعد حد معين لتحفيز المستخدمين بتقنين استهلاكهم تجنبا للهدر للموارد (التي تعاني من شح أو تكلفة عالية) وخسارة المال.ومنذ انطلاقة وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف تطبيقاتها نلاحظ هدراً كبيراً وتبذيراً من بعض المستخدمين في التواجد فيها، بل يخيل إليك في بعض الأحيان أن وقتهم أكثر من الساعات المتعارف عليها بين البشر وبتواصلهم على مدار الدقيقة، بل إن البعض أصبح كتاباً مفتوحاً بالصوت والصورة للجميع، حتى في اللحظات الإنسانية كمرض قريب أو فراقه أو تواجده في مقبرة أو مكان عباده، يبقى على تواصل دون انقطاع حتى لا يفقد التوازن ويشعره بالضيق، لذا نراهم يحملون شواحن متنقلة وبطاريات ملصقة بهواتفهم، متحولين في وسائل التواصل الاجتماعي من التحكم بها ظاهرياً إلى (مدمنين) مسيطرة عليهم ومؤثره في مزاجهم وتصرفاتهم، بل ومهددة لسلامتهم وسلامة الآخرين بالخطر عند استخدامها أثناء القيادة أو المشي (فهناك نكتة متداولة بعد أن كان هناك مطالبة بعدم استخدام التحدث بالهاتف أثناء القيادة أصبح المطلب لا تغرد وأنت تقود حفاظاً على سلامة الآخرين). نحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية من الجامعات في أقسام البحوث والدراسات عن التبذير الإلكتروني ومدى تأثيرها على الأطفال وإنتاجية الشخص لا سيما الطلاب والموظفين الذين يستخدمونها أثناء عملهم وكيف تشغلهم عن القيام بتقديم الخدمة وتطوير مهاراتهم، دراسات تعتمد على معايير علمية يشارك فيها باحثون اجتماعيون، فنحن الآن نخمن من بعض ما نعايشه ونشاهده كأشخاص عاديين - فالموظف في الاستقبال أو صندوق البنك أو الخطوط الذي ينشغل بهاتفه ويتفاعل ويغفل عن أداء عمله والترحيب بعملائه حتماً لن تتطور مهاراته وخبرته ولن يبرح مكانه بل قد يتعرض للفصل لسوء قراراته وخطئها.
- والطالب الذي يبقى على تواصل في وسائل التواصل الاجتماعي كافة بعلاقات افتراضية، ستؤثر في استيعابه لدروسه وتكوين علاقات طبيعية مع زملائه تنمي شخصيته بدلاً من العزلة ومصادقة هاتفه.
- والأب أو الإعلامي أو الطبيب.. الخ، والذي يغرد مئات وآلاف التغريدات اليومية ويرد على الجميع بالتأكيد سيعاني انفصال عن أرض الواقع وضعف العلاقات الطبيعية لاسيما أن المتابعين والأخبار التي تصلك لا تراعي فارق التوقيت واحترام الاختلاف وتقبل وجهات النظر.
- قروبات الواتساب وتوتير كشفت الكثير ممن يمكن أن نطلق عليهم (مهبول القروب) والذي يرسل دون تمحيص وبتكرار وبإعادة إرسال على مدار الساعة وكأنك تتعامل مع شخص به مجموعة ناس وعقول وإذا جرك إلى النقاش ستتحول إلى (مهبول) آخر بدون أن تشعر. لا بد من كبح جماحنا في الاستخدام المفرط لوسائل التواصل وعدم الإسراف والتبذير الإلكتروني، ونتجنب الرد والتعليق والدخول في مهاترات وصراعات لا تسمن ولا تغني من جوع ولنتبع قاعدة ذهبية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي كافة (تابع دون إفتاء)، فليس بالضرورة أن نعلق أو نقدم وجهة نظر لا سيما أنه يعرض كل شيء وليس من الحكمة أن نفهم في كل شيء، وأغلبنا يردد (خير الكلام ما قل ودل) فلنحولها إلى واقع عملي وكما قيل من كثر كلامه (أو تغريده أو رسائله) كثر خطؤه.