عمر إبراهيم الرشيد
يمتاز الألمان بروح الانضباط وحب الابتكار والتجريب، ولا عجب إذا احتلت ألمانيا صدارة دول الاتحاد الأوروبي وثالث أقوى اقتصاد في العالم. فمن إبداع الألمان في برامج تقويم سلوك المساجين، اعتماد تدريب نزلاء السجون هناك على تربية النحل والعناية بخلاياه واستخراج العسل. ومعلوم مدى صعوبة التعامل مع النحل ووجوب اتخاذ الحذر تحاشياً لهجومه ومن ثم لدغه الخطر، إذ إن النحل لا يزال متوحشاً. والهدف من هكذا برنامج هو ترويض سلوك المحكومين في السجون، وتدريبهم على ضبط النفس والهدوء وهي مهارات لا بد لكل متعامل مع النحل أن يتصف بها!. حقيقة تعد دور الإصلاح والسجون مؤسسات أمنية واجتماعية في نفس الوقت، فهي وإن كانت عقابية إلا أنها تهدف إلى تقويم وإصلاح سلوك النزيل قدر الإمكان. وللحق فقد شهدت ولا تزال دور الإصلاح والسجون في المملكة نقلة مشهودة في نظام عملها، برامجها التأهيلية وكذلك، وهذا جداً مؤثر، في مقراتها ومبانيها وذلك ظاهر ومتداول عبر الإعلام الرسمي والاجتماعي. وبما أن التجارب الناجحة تدعو للإعجاب والتقدير أينما كانت، فلقد لفتت هذه التجربة الألمانية العالم كما هي عادة الإتقان الألماني في شتى الميادين!.
ولا يخفى أن الإصلاحيات والسجون إنما هي جزء من المجتمع والبلد تتأثر وتؤثر فيه، وتقدم السجون تنظيماً وبرامج ومقرات من تقدم المجتمع والبلد والعكس كذلك، ففي هولندا على سبيل المثال تم إغلاق عدد من السجون لقلة النزلاء، نتيجة نجاح برامج الإصلاح والتأهيل لما بعد الخروج من السجن وهذا هو التحدي الذي يواجه الكثير من الدول، ومنها أمريكا التي تعاني من اكتظاظ سجونها بل وعودة الكثير من نزلائها إليها لأنهم لا يجدون فرصاً للعيش الكريم خارجها! لن يعدم المؤمن التقاط الحكمة أنى وجدها فهي له، والإفادة من التجارب الناجحة في أي ميدان سبيل لأي مجتمع للتقدم والنجاح، شرط ملاءمة هذه التجربة أو تلك له وتوفر فرص نجاحها، صحبتكم عناية الرحمن وإلى اللقاء.