د.ثريا العريض
لماذا تصر قناة الجزيرة والإعلام التركي على الإشارة إلى قضية خاشقجي والإصرار على أنها قضية حقوق إنسان يستنفر لها الإعلام العالمي؟
من وراء الحملات المسعورة لهز استقرار المنطقة وتحجيم التأثير السعودي الساعي لتجذير الاستقرار وتأكيد إحلال العدالة واحترام حق كل الفئات في التعايش بسلام؟
مع بداية القرن الواحد والعشرين دخلنا عصر الحروب العولمية التي تسخر التقنية الإعلامية واستخدام القوة الناعمة. أصبح لكل نظام وحزب سياسي رسمي أو غير رسمي آلته الجهنمية لتفكيك مفاصل «العدو» باستهدافه إعلاميا.
هنا نجد تصنيف الأفراد والمجموعات والأنظمة بالشر وتقديم الأدلة والبراهين على صحة التصنيف وفبركتها إن لم توجد.
وتدس تحت اضواء المختلقات الإعلامية مواضيع حساسة تتناول في الغالب دعوة لتغيير السلطة الرسمية وأنظمتها، أو نقدا للسياسات المعتمدة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، أو عدل الأنظمة، أو الفساد الإداري. بينما يستغل إغواء الجنس في إضافات تتعلق بتسويق الإباحية والشذوذ والدعارة،مكشوفة ومقنعة، في حسابات تقدم خدماتها للراغبين. بل قد يجتمع هدفان وأكثر من وسيلة؛ «داعش» مثلا كانت تبث في اليوتيوب ووسائل الاتصال تسجيلات ممسرحة لسيناريوهات يعدها طاقم احترافي مكتملا بكاتب السيناريو والمصورين والممثلين والضحايا، سواء كان الضحايا رجالا يذبحون، أو نساء يعرضن للبيع والاسترقاق، أو أطفالا يجندون. كل الغرائز الدنيا الجنسية والتوحشية تستثار هنا لاجتذاب المزيد للتدعشن حول العالم، لتحقيق أهداف سياسية مستترة .
المستجد الآن أن التقنيات الحديثة تستطيع اختلاق ونشر كل ما يشهر بالأفراد مدمرا سمعتهم وينتهي بتمزيق أواصر المجتمعات بسهولة وسرعة. وفي عصر الحروب الإعلامية العالمية يتميز جهاز الموساد بالسبق .. ويليه الحرس الثوري الإيراني والإخوان تحت كل مسمياتهم.
هكذا في ثورة التقنية الرقمية والتواصل عبر الشبكات تفاقمت النتائج السلبية بسهولة تمويل وإيصال المحظورات والسلع الممنوعة، بدءا بالأفكار الهدامة كالالتحاق بالمنظمات الإرهابية، ونشر مهاراتها المدمرة، وتسويق المخدرات والأسلحة والتدريب على تصنيعها واستخدامها، وانتهاء بتكوين شبكات إجرامية أو انقلابية تعمل ضد كل الحكومات حسب المصالح.
وبقي أن السلاح الناجع هو ترشيد مؤسسات بناء الوعي العام محليا كالمدارس والمساجد ووسائل التواصل كي لا تكون الوسيلة والحاضنة لتفريخ معتنقي الانحراف والحاضين عليه بمبررات تتظاهر بالنبل والمصداقية، وتتستر بالدين والحقوق.