ما كتبه أخي ياسر صالح البهيجان تحت عنوان: (المتقاعدون والثروة البشرية المهدرة) تحدث فيه عن المتقاعدين، وأن عددهم يقارب المليون، بما فيهم متقاعدو التأمينات الاجتماعية، وأن هؤلاء لا يزالون قادرين على العطاء، ولديهم الخبرات والتجارب مما سيحتاج إليه الشباب، وأشار إلى ما يناسبهم من الأعمال، وأن تشغيلهم سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني، وسيحققون عوائد مالية مجزية تساعدهم على تحمل أعباء الحياة.. الخ.
حقيقة أن الحديث عن المتقاعدين وتشغيلهم للاستفادة من خبراتهم هو أمر جيد إلى حد ما، لدرجة أن هذا الموضوع من كثرة الحديث عنه أصبح كالعلكة بالفم، نلوكه يمنة ويسرة، ولكن دون جدوى؛ وبصريح العبارة يا ترى هل تشغيل المتقاعدين أولى من الشباب الذين نراهم طوابير حاملين ملفاتهم ومؤهلاتهم أمام أبواب الإدارات الحكومية والشركات والمؤسسات التجارية حالما يسمعون أو يقرأون عن شغور وظائف، وكل منهم يحمل الأمل ليحصل على وظيفة يعيش من خلالها ويفتح بيتاً، ويكوّن أسرة، ويأخذ دوره بالمجتمع، لذا أقول لأخي ياسر: هب أنك شاب ما بين العشرين والثلاثين، وتحمل شهادة؛ أي شهادة، فبماذا ستفكر من أجل أن تعيش حياتك كما عاشها والدك المتقاعد.. ستفكر بالحصول على وظيفة تحصل منها على دخل تحقق بسببه كل أحلامك بداية بالمركبة، فالبيت، فالزوجة، وصولاً إلى تكوين أسرة من بنين وبنات.. فيا ترى هل ستكون أنت أولى بالحصول على وظيفة أم أبوك الذي خدم وطنه ما لا يقل عن أربعين سنة ووصل إلى مرتبة غالباً يكون تقاعدها كافياً لإعاشته مع والدتك وبقية أفراد الأسرة، إن وجد منهم باقٍ تحت الولاية، والغالب أن يكون كل الأبناء كما يقال بالعبارة الدارجة (قد طيرو) وأصبحوا مثل أبيهم أرباب أسر، ولا يزال والدك يعيش براتب وظيفته إلى أن يأخذ الله أمانته.
هنا لاشك أن الجواب سيكون أن حصولك على الوظيفة كشاب مقبل على الحياة أولى من حصول أبيك عليها، علماً بأن الكثير من الآباء يفضلون التمتع بباقي ما كتب لهم من أعمار فينطلقون لتحقيق رغباتهم وآمالهم التي كانوا ينتظرون سني التقاعد ليحققوها كالرحلات داخلية أو خارجية والكشتات ذات المتعة النفسية والجسدية وحتى الفكرية، بل ربما أنهم يستمتعون بقضاء حاجاتهم المنزلية وزياراتهم لأبنائهم وبناتهم في بيوتهم.. وأخيراً أقول لكل من يهتم بتشغيل المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم، أقول: اصرفوا اهتماماتكم تلك إلى تشغيل هذا الشباب المعطل، فالبطالة فراغ ممل، بل هو داء قاتل، وقد يكون سبباً لانحرافات البعض من الشباب طالما عايشناه، وهذا هو عين الحقيقة.. فما رأي أخي ياسر الآن؟.
** **
Saleh4ksa@hotmail.com