رمضان جريدي العنزي
المواقف الإنسانية، والتعاملات الأخلاقية، والبشاشة والكرم والترحاب، وزيارة الناس، والتواصل معهم، تفقدهم والتودد لهم ومعاشرتهم بالطيب والحسنى، احترام الكبير، والعطف على الصغير، مساعدة الفقراء والمحتاجين، الضعفاء منهم والبائسين العاجزين والمرضى، وقضاء حوائج الناس حسب الاستطاعة والقدرة، هي من تخلد الإنسان، وتحفظ ذكره حياً وميتاً، إن محاسن الأعمال والأفعال لا ينساها الناس الأوفياء أبداً، وشتان بين هذا الإنسان النبيل وبين ذاك الأناني الذي يعيش بأنانية مطلقة وتوحد وتفرد وتوحش من الناس والبعد عنهم، سوف لن يحترمه الناس ولن يقدروه لا حياً ولا ميتاً، إن الذي يحمل هموم الناس، ويسعى لهم وبينهم، بكل جهده وطاقته ومقدرته، صابراً وآملاً ومحتسباً، ويرجو من الله الجزاء والمثوبة، خيرٌ ألف مرة من ذاك الذي لا يعرف سوى نفسه، إن الإنسان المحسن الشهم النبيل، صاحب الخلق الرفيع، والتعامل الراقي، هو من يمدحه الناس، ويذكرونه بالخير، ويشيدون به حاضراً وغائباً، وهو الذي يكسب الدنيا، ويفوز بالآخرة بمشيئة الله، لكن المقصر مع الناس عامة، والأهل والأقرباء والأصهار، لا يصلهم، لا يودهم، ولا يتقرب منهم، وينفر منهم، هو صاحب الخسران المبين، والفعل المشين، ولن يذكره الناس بخير لا حيًّا ولا ميتاً، إن من بنى نفسه من أجل الناس، سعياً ومساعدة وإيثاراً، لا يقارن ألبتة مع من ولى عن الناس وهرب، وتدثر بلحاف ذاته وتزمل، وعاش في سكون رهيب مع نفسه ومبتغاه، دون تفاعل مع الناس ودون مشاركة وحراك، قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، (خير الناس أنفعهم للناس)، إن الدنيا مليئة بالدروس والقصص والعبر، التي تخلد أصحاب المواقف الخالدة النافعة، الذين أثروا الناس على أنفسهم، طمعاً فيما عند الله وليس فيما عند الناس، عكس ذاك الذي خرج عن قواعد الأخلاق والتعامل والإنسانية، وعاش لا يعرف سوى نفسه منطوياً عليها ومتكورًا، نافراً ومتوجساً ومتوحشاً من الناس، إن الحب الصادق للناس، والتوثب لخدمتهم ومشاركتهم ونفعهم، وتحمل المشاق والمكابدات والتعب من أجلهم، وإدخال السرور على قلوبهم، تعتبر مقاييس جليلة ترفع من سمو الإنسان ومكانته في الدنيا والآخرة، إن من يملك هذه الصفات والمواصفات يقتحم القلب، ويسكن الروح، ويستقر في الوجدان بلا إحم ولا استئذان، عكس الأنانيين الذين يعيشون البعد والنفور عن الناس بإفراط عجيب، نراهم يعيشون التقريع والاستهجان، إنلعاقل من يأخذ العبر والدروس في حياته قبل مماته، يعيش مع الناس ويحيا معهم بود وإيثار وتفاعل، بعيدًا عن الأنانية والنفور والفوبيا والشك والتوجس.