فوزية الجار الله
يحدث أن تقرأ نصاً أدبياً لأحد مشاهير الكتّاب الذي كان ولا يزال اسمه مدرجاً ضمن قائمة عظماء ومشاهير الكتاب في العالم، يحدث أن تقرأ هذا النص فتجده بارداً باهتاً بلا نكهة أو طعم مما يجعلك تتعجب، هل يعقل بأن هذا النص هو لذلك الكاتب ذاته؟ هذا التساؤل يطرح أمامنا أسئلة أخرى:-
- هل من الضرورة بمكان أن تكون كافة نصوص الكاتب المبدع رائعة مثيرة للدهشة بنفس المستوى دائماً؟
- هل تؤثر تقلبات حياة الكاتب وتدرج مراحل النضج الأدبي لديه على هذه النصوص؟
- هل ينبغي أن تتساوى نظرة النقاد لهذا العمل؟
- ألم يتخلل كافة أو بعض النصوص النقدية لهذا الكاتب شيءٌ من المجاملة والمديح الذي لا يعتمد على حقيقة أو منطق؟
هل تختلف أنماط النص القصصي الجميل ما بين مرحلة زمنية وأخرى؟ بمعنى أن ما كان يتقبله القراء من نصوص وروايات قبل خمسين أو ستين عاماً من وقتنا الحالي لم يعد له قبول الآن؟ وهل تؤثر تلك الحقيقة على مدى تميز الكاتب؟
هل يحظى الكاتب العربي بنفس ما يحظى به الكاتب الأجنبي غربياً كان أو شرقياً، هل يناله نفس الاحتفاء والاهتمام بما يقدمه من أعمال إبداعية؟
هل تؤثر الترجمة على النصوص الأدبية سلباً أو إيجاباً؟ بمعنى هل يشوب بعض النصوص تعثراً ورداءة بينما تحظى نصوص أخرى بمزيد من التميز والجمال اللغوي بفعل الترجمة؟
أذكر هنا مثالاً لنص قصصي قرأته مترجماً إلى العربية لكاتب إيطالي، القصة وردت ضمن مجموعة قصصية ورغم أن القصة قصيرة إلا أنها تحمل نفساً روائياً من حيث كثرة الأحداث وتعدد الشخصيات..
القصة تتحدث عن فتاة لاهية تعيش صيفاً ممتعاً، تقول الفتاة:
كنت أبيت عند (ماركو) وإما عند (برناردو) نستيقظ، نبدأ نهارنا في الساعة الحادية عشرة، نهاتف بقية الأصدقاء، فتياناً وفتيات.. و) ينطلقون إلى عرض البحر حيث يمارسون أنواع اللهو، يلعبون ثم يتوجهون إلى أحد المطاعم بعد ذلك، يتخلل ذلك اللهو الغناء والرقص الجماعي، كانت ضمن هواياتهم الارتماء حول النوافير التي تزخر بها «روما».. ثم تعود الفتاة إلى منزلها، في « أقصى الصعيد» كما تقول المترجمة -ولي مع هذا التعبير وقفة لاحقاً- تعود الفتاة إلى منزلها هناك لديهم أملاك هائلة وقصر عملاق.. تصيبها الكآبة في هذه الفترة، كانت تبكي معظم الوقت، بعد فترة تتعرف على رجل يحاول أن ينتشلها من ذلك الأسى من خلال تسليتها فهو عاشق للتراث والتاريخ ثم تصل العلاقة بينهما إلى مرحلة قصوى، في نهاية الحكاية يتركها «كورادو» وتحاول الانتحار، لكن يتم إنقاذها وتعود إلى الحياة وتبقى في روما بينما يذهب هو إلى حياته الخاصة، القصة ذكرتني بالأفلام المصرية القديمة بالألوان (الأسود والأبيض)..
وللحديث بقية.