يوسف المحيميد
حين ننظر إلى علاقتنا بكوريا الجنوبية من خلال ثلاثة أجيال سنكتشف تحولات مذهلة، جميعها تقود إلى علاقة إنسانية مميزة منذ مرحلة السبعينات وحتى الآن، بل حتى المستقبل، فجيل سبعينات وثمانينات القرن الماضي من السعوديين، يتذكرون جيدًا المهندسين والعمال الكوريين الذين أسهموا في إنشاء البنية التحتية في المملكة، وقد بلغت أعدادهم أكثر من مائة ألف عامل، تميزوا بالمهنية العالية والإخلاص والوفاء، والجيل الذي تلا ذلك يدرك أهمية الكوريين في القطاعات الصحية، خاصة جانب التمريض، والجوانب الفنية، أما الجيل الجديد من أبنائنا وبناتنا، فقد عشقوا الثقافة الكورية، دراما وغناء، واشتهرت بينهم، بالذات الفتيات، الفرق الغنائية الكورية، والتي استقطبتها أخيرًا هيئة الترفيه من خلال توجهات المملكة الجديدة، وانفتاحها على الآخر.
وعلى الجانب الآخر، ماذا عن أصدقائنا الكوريين الذين عرفوا مدن المملكة، عاشوا فيها، وانسجموا معها، فماذا تمثل المملكة بالنسبة لكوريا، لقد كانت المزود الرئيس للطاقة إلى كوريا، حيث تُعد أكبر مصدِّر للنفط لها، بنحو 30 في المائة من إجمالي واردات كوريا من النفط، أي ما يعادل 875 ألف برميل يوميًا، ولا شك أن هذه العلاقة المبكرة والعميقة على مدى نصف قرن، توجت بمشروع شركة مصفاة إس أويل، التي أسست عام 1976 وأصبحت إحدى أكثر شركات التكرير تنافسية في العالم، بوصولها إلى الأسواق الخارجية، وهي الآن بمثابة مركز إمدادات النفط الخفيف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ولعل أجمل ما في العلاقة بين المملكة وكوريا تميزها بالنمو والتطور، فمثلاً حجم التبادل التجاري بينهما بلغ 30.2 مليار دولار في عام 2018، بزيادة قدرها 22.4 في المائة مقارنة بعام 2017؛ وزاد حجم التجارة بشكل مطرد خلال السنوات الماضية، وهي المرة الأولى التي تتجاوز فيها 30 مليار دولار منذ عام 2015.
لقد أصبحت المملكة بالنسبة لكوريا ثامن أكبر شريك تجاري، ومن المتوقع أن كوريا تعد رابع أو خامس أكبر شريك بالنسبة للمملكة، بصادراتها للمملكة، خاصة السيارات وقطع غيار السيارات والسلع الإلكترونية والصلب والمنسوجات وغيرها.
ولا شك أن الاستثمارات تنامت بشكل جيد، فحتى نهاية عام 2018 بلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات السعودية في كوريا نحو 2.05 مليار دولار، في حين بلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات الكورية في السعودية خلال الفترة نفسها نحو 5.42 مليار دولار، ومن الواضح أن الشراكة السعودية الكورية تعد متميزة ومتنامية، وينتظر المزيد من الشراكات الاستراتيجية بينهما، خاصة أن أبواب البيت الأزرق مفتوحة لمزيد من العلاقات الناجحة.