مارثا لي
«الجزيرة» - المحليات:
نشرت صحيفة (واشنطن إكزامينر) الأمريكية في عددها الصادر أمس السبت 22 يونيو 2019، مقالا للباحثة في منصة «ميدل إيست فورم» مارثا لي، بعنوان (كيف تشتري قطر مواد مكتوبة في الصحف المحافظة).. وفيما يلي نص المقال :
بتاريخ 4 يونيو، نشرت واشنطن تايمز «مجموعة خاصة» من المقالات تغدق المديح لدولة قطر، ومؤسساتها، وتأثيرها العالمي، وصنفت كل من تلك المقالات بأنها «تحت الرعاية»، ولكن أهملت «تايمز» ذكر الراعي. للوهلة الأولى، يبدو من المفاجئ فعل ذلك في صحيفة محافظة، اعتادت هيئة تحريرها انتقاد تلك الدولة.
وبينما تجد المال القطري في كل مكان، إلا أن نفوذ ذلك المال تركز في الأعوام الأخيرة على اليسار الأمريكي. على سبيل المثال، تدير إمبراطورية الجزيرة الإعلامية منصة تواصل اجتماعي تدعى (AJ+)، تحظى بشراكة منصات يسارية أمريكية متشددة، مثل ينغ توركس (الأتراك الشباب).
وفي الوقت نفسه، تلقّت مؤسسات فكرية بارزة، مثل معهد بروكينغز، عشرات الملايين من الدوحة. حصل معهد بروكينغز على 15 مليون دولار عام 2013، ومليونين على الأقل العام الماضي - ربما أكثر من ذلك بكثير. وأدى ذلك السخاء إلى تأسيس مركز فاخر للمعهد في الدوحة. وفي الوقت نفسه، يتمتع النظام القطري بتدفق مطرد من الأوراق الأكاديمية التي تقلل من شأن رعاية الإمارة للإسلاموية العنيفة، وترسم علاقاتها بالجماعات الإرهابية على أنها ليست أكثر من محاولات جادة للحوار، تُنفذ في محاولة لاكتساب النفوذ من أجل الإحسان.
لكن مؤسسات مثل بروكينغز - إلى جانب العديد من الجامعات الأمريكية (بما في ذلك الكليات العامة) التي تتمتع بترتيبات مماثلة - ليست بيادق الدوحة الوحيدة. فعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، كانت هناك محاولات قطرية ملحوظة لكسب الأصدقاء والتأثير على أشخاص خارج نطاق اليسار المعتاد.
المثال الأبرز (والأكثر غموضاً) الذي حظي ببعض الاهتمام العام في السنوات القليلة الماضية، هو عروض المال ودعوات السفر المقدّمة إلى المنظمات اليهودية الأمريكية الرائدة منذ عام 2017. وقد تم استنكار فعل المنظمة الصهيونية الأمريكية على نطاق واسع في وسائل الإعلام اليهودية بعد دعوات قطر وتمويلها. اعتقدت الدوحة، على نحو خاطئ، أنها تستطيع تمويل حماس وكسب الدعم اليهودي الأمريكي معاً.
في ذلك الوقت، لاحظت وسائل الإعلام أن الجمهوري البارز مايك هاكابي قبل أيضاً 50 ألف دولار ورحلة إلى الدوحة. وفسرت وسائل الإعلام انجرار هاكابي إلى الإغراءات القطرية كنتيجة لعلاقاته الطويلة مع المنظمات اليهودية المؤيدة لإسرائيل. ولكن، ما لم يلاحظه كثيرون أن قطر كانت تدس رسائل مؤيدة لها بلا خجل في وسائل الإعلام الأمريكية المحافظة لفترة من الزمن. يبدو أن هاكابي لم يكن مطلوباً فقط من أجل صلاته اليهودية، بل لمكانته المحافظة.
كان ظهور الرسائل الموالية للقطريين في صحيفة واشنطن تايمز المحافظة يوم 4 يونيو مهماً، ولكنه ليس جديداً. من بين المقالات الـ 25 المنشورة، كتب خمسة منها صحفي التايمز (تِم قسطنطين)، المنتظم في التجمعات الجمهورية والذي له بعض التأثير كمضيف إذاعي لبرنامج «The Capitol Hill Show». على مدى السنوات القليلة الماضية، استخدم قسطنطين كلاً من الزوايا المكتوبة في التايمز وبرنامجه الإذاعي لتحصين قطر، وإعطاء المنصات لمسؤولي النظام، وإدانة «آثام» أكبر خصوم قطر، وهي المملكة العربية السعودية.
وتعد مقالة قسطنطين المكتوبة في مايو 2018 أكثر مادة مؤيدة بشدة للقطريين، وتقدم سلسلة من إعلانات النظام القطري حول عجائب قطر، وتدرج الانتصارات المعجزة لشركاتها ومؤسساتها المجتمعية، وتشرح للقراء لماذا الحصار الذي تقوده المملكة العربية السعودية على قطر شديد الشر.
في موقعه على شبكة الإنترنت، يصف قسطنطين نفسه بأنه «هواء منعش في عالم اليوم المليء بالأحاديث الطائشة». ولكن زاويته المكتوبة عام 2018 تظهر تماماً كيف يمكن للمرء تخيل بيان صحفي لنظام مزدوج مستبد مع إدارة إعلامية مختصة.
«إن الرغبة في أن تكون الأفضل، وأن تستثمر في المستقبل، وأن تبحث عن خبراء في جميع المجالات من جميع أنحاء العالم، وأن تحترم التقاليد القديمة والحساسيات الدينية مع اعتناق العالم الحديث في الوقت نفسه - أمور أقل ما يمكن وصفها بالمذهلة -».
لم يتم تصنيف هذه المقالة ولا أي من مقالات قسطنطين حول الموضوعات المتعلقة بقطر قبل يونيو 2019 على أنها «تحت الرعاية». أهمل قسطنطين أن يذكر في مقال مايو 2018 أنه زار قطر للتو، حيث التقى مع المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر. يبدو أن لقسطنطين علاقة طيبة إلى حد ما مع تلك المتحدثة الرسمية باسم النظام - حيث يدعوها إلى تقديم نقاط حوار قطرية (دون مجادلة) في برنامجه الإذاعي، إضافة إلى إجراء مناقشة معها في مارس 2019 في منتدى الخليج الدولي، وهي مؤسسة فكرية في العاصمة الأمريكية لها علاقات مع قطر.
في الواقع، كجزء من زيارتها إلى العاصمة الأمريكية في مارس، زارت الخاطر مكاتب صحيفة واشنطن تايمز للقاء المراسلين والمحررين، الذين تابعوا تقريراً مليئاً بالإطراء عن الزيارة. وبعد أقل من أسبوع من «القسم الخاص» في 4 يونيو، أعطت التايمز أعمدة إلى جاسم بن منصور آل ثاني، «الملحق الإعلامي»، الذي عرض القضية مرة أخرى ضد المملكة العربية السعودية وحلفائها.
عندما سألنا واشنطن تايمز عن «مجموعة المقالات الخاصة» في 4 يونيو عن قطر، قيل لنا إن الصحيفة لا يمكنها تأكيد من هو الراعي. ثم سألنا قسطنطين عما إذا كان قد قبل المال من النظام القطري لكتابة مقالاته. أخبرنا أنه «غير مرتاح لإجراء هذه المحادثة».
ليس قسطنطين المثال الوحيد عن التأثير القطري في الأوساط المحافظة. قام سهراب «روب» سبهاني، وهو محاضر سابق في جامعة جورج تاون (بتمويل قطري) بسرد الأناشيد عن قطر في صحيفة الواشنطن تايمز، وذي هيل، وويكلي ستاندرد، وناشيونال ريفيو تعود إلى عام 2002.
في ديسمبر 2018، رفض توم روغان، أحد خبراء واشنطن إكزامينر، لعبة سبهاني. كتب روغان، «في مقال مثير للسخرية لصحيفة واشنطن تايمز يوم الثلاثاء، يقدم روب سبهاني رسالة حب إلى قطر. بينما يبدو مثل عمل جماعات الضغط، لا يصنف سبهاني ولا شركته كشركة ضغط بالنسبة للحكومة الأمريكية. لذلك، يجب أن نفترض أن تأكيدات المؤلف لحب حكومة قطر صادقة».
في الواقع، وجدنا أن سبهاني شغل سابقاً منصب رئيس «مؤسسة قطر»، وهي واحدة من أهم مؤسسات النظام، والتي تمكنت من منح عشرات الملايين من الدولارات للمدارس والجامعات الأمريكية (التي تستخدم لاحقاً كمواد تعليمية مؤيدة للقطريين) بينما في ذات الوقت تستضيف أيضاً كبار مسؤولي حماس في مقرها في الدوحة.
لكن روغان كان على حق. يتطلب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب من أي شخص يخدم حكومة أجنبية بصفة سياسية الكشف عن هذه المعلومات. لا يظهر سبهاني على أي ملفات تشير إلى أنه من جماعات الضغط المدفوعة لصالح النظام القطري. كما حال قسطنطين أو معظم الآخرين الذين يكررون علناً نقاط الحوار القطرية في وسائل الإعلام الأمريكية.
تعتمد قطر على الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بين الأمريكيين المحافظين بأن المملكة العربية السعودية هي المصدر الرئيسي للإرهاب والتطرف. تقدم قطر الرواية القائلة أنها تحت الحصار من دول أخرى إقليمية نتيجة رفض معتقدات الدوحة التقدمية المعتدلة.
لكن العكس هو الصحيح. تتمتع قطر، بتاريخ طويل من تمكين الإرهاب وتمويل التطرف. كذلك الدهاء الإعلامي لإقناع الأمريكيين بخلاف ذلك. يجب ألا تكون منافذ الأخبار الأمريكية شريكة في هذا الخداع.
** **
مارثا لي - باحثة في منصة «ميدل إيست فورم» - وسام ويستروب - مدير مشروع «إسلاميست ووتش» التابع للمنصة