م. خالد إبراهيم الحجي
لقد حظيَّ اللقاء الصحفي التي أجرته صحيفة الشرق الأوسط مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الأحد الموافق 16 - يونيو- 2019م، باهتمام شديد من قبل الصحافة الدولية ووسائل الإعلام العالمية، وقامت بتغطية شاملة لأجوبة ولي العهد المهمة والمحددة التي تدل على الذكاء والفطنة، وتميزت بالوضوح والصراحة على الأسئلة الوجيهة التي ألقاها عليه بمهنية عالية الصحفي القدير غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط. وقد تناوله الصحفيون وجميع النقاد والمحللين باستفاضة بالغة، للتعرف على مضامينه السياسية وشرح أبعاده الإستراتيجية. وقد شدتني جميع أجوبة ولي العهد، وعلى وجه الخصوص قوله (إن المملكة لا تريد حرباً في المنطقة، لكننا لن نتردد في التعامل مع أي تهديد لمصالحنا الحيوية أو لسيادتنا أو لشعبنا، والمشكلة تكمن في طهران وليست في أي مكان آخر). ولقد كان بودي أن يتوقف الأستاذ شربل عند هذا التعبير قبل أن ينتقل بسرعة للسؤال الذي بعده، وذلك لشرحه وتوضيحه ومعرفة تحليله باستفاضة أكثر. ومن المرجح أن ولي العهد اختار هذا التعبير بالذات في جوابه؛ لأن الإشارة تغني عن العبارة، ولعدم رغبته في التحدث عن الأوضاع الداخلية في إيران، ولأنه ليس من سياسة المملكة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما أنها لا تسمح ولن تقبل من أي دولة التدخل في شؤونها الداخلية.
ومن وجهة نظري الخاصة أن هذا التعبير يعني فشل القيادة الإيرانية في الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، ويؤدي إلى التدمير الذاتي في نهاية الطريق الذي يسير فيه النظام الإيراني الذي يعيش أسوأ أيامه، ويعاني من هشاشة كيانه، وتخلخل أركانه، بسبب شدة حنق الشعب عليه، وتزايد غضب الشارع الإيراني وثورته عليه؛ بسبب ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، وضعف العملة، وتردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة استهلاك قيادته للمواد اللوجستية، واستنزاف موارده المالية في أشياء لا تفيد الشعب الإيراني، وإنما تحقق سياسته العدوانية، وأهدافه المذهبية، وأطماعه التوسعية فقط. ومن الواضح أن النظام الإيراني لا يتردد في إثارة القلاقل والاضطرابات وإشعال نيران الفتن، واستخدام جميع وسائل التخريب، وطرق الإرهاب في سبيل المحافظة على أهدافه، وأطماعه التوسعية في المنطقة، وذلك على حساب استقرار الشعب الإيراني وازدهاره. وهذه الأطماع واضحة جداً للجميع، والدليل على صدقها وصحتها الأمور التالية:
(1): احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث لتحقيق حلمها في السيطرة على مضيق هرمز بين مياه الخليج العربي والمحيط الهندي الذي يمر منه ثلث حاجة العالم من النفط.
(2): دعم ميليشيات الحوثيين الإرهابية في اليمن لمحاولة السيطرة على مضيق باب المندب بين البحر الأحمر وبحر العرب الذي يمثل البوابة الخلفية لقناة السويس.
(3): دعم حزب الله الإرهابي بالسلاح ووضع أقدامها في لبنان للسيطرة على جنوبه، واستعمال حزب الله ضد طوائف الشعب اللبناني الأخرى للتأثير في قرارات الحكومة اللبنانية.
(4): مساندة النظام العراقي، ودعمه بالتدخل السافر والمستمر في الشؤون الداخلية للشعب العراقي، واستخدام العراق كجسر بري لدعم حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا.
والنظام الإيراني في طهران يعلم علم اليقين أنه يعيش في مرحلة الاحتضار، ومعرض للسقوط في أي وقت من الأوقات؛ لذلك يقوم بمحاولات يائسة من وقت لآخر بتكرار تهديداته المستمرة بإغلاق مضيق هرمز، وقد قام بالفعل بتدبير الاعتداء بألغام بحرية لتفجير ست سفن من ناقلات النفط العملاقة، أربع في ميناء الفجيرة، واثنان في خطوط الملاحة الدولية عبر مضيق هرمز. كما زودت الحوثيين بالصواريخ الباليستية التي يطلقونها على السعودية، وبالطائرات المسيرة بدون طيار والمفخخة، كما حدث في الاعتداء على محطتي الضخ لخط البترولاين (شرق - غرب) الذي ينقل النفط من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، فتسبب في نشوب حريق في المحطة الثامنة، وأخيراً الهجوم الإرهابي على مطار أبها الدولي جنوب السعودية بمقذوف سقط على صالة القدوم؛ فأدى إلى إصابة (26) مدنياً من المسافرين بينهم أطفال ونساء..
وقد ارتكبت إيران جميع ما سبق لتوصيل رسائلها الإرهابية إلى أمريكا، واستغلال الأحداث، وردود فعل المجتمع الدولي عليها، لإشغال الرأي العام الإيراني الداخلي، ومحاولات إطفاء نار الغضب الشعبي على القيادة الإيرانية، وتشتيت حنقهم على مبادئ الثورة الخمينية، والقضاء على الاستياء الشعبي من حكم الملالي، وكبح الرغبة الشعبية الجارفة في تغيير النظام برمته.