ولد أفلاطون في أثينا في اليونان سنة 430 ق.م وتوفي سنة 348 ق.م وكانت عائلته لها مشاركة في حكم أثينا، وتعلّم فيها القراءة والكتابة والحساب والهندسة في صباه، عندما بلغ العشرين من عمره سمع بسقراط وكان مولعًا بالفلسفة فانضم إلى المتتلمذين عليه.
نمت عند أفلاطون رغبة جامحة في إصلاح الفساد المنتشر في أثينا وسعى لنشر الحريات العامة ولهذا انخرط في العمل السياسي، فكتب في هذه المرحلة أهم مؤلفاته «المدينة الفاضلة» والذي قدّم فيه تصوره لأفضل أشكال الدولة هو الدولة الأرستقراطية - ولا يعني الأرستقراطية الوراثية - ولكن أرستقراطية الجدارة والأهلية للحكم الرشيد على يد أفضل الأشخاص في الدولة.
حيث يرى أفلاطون أن البشر متفاوتون في قدراتهم ومواهبهم لذلك رأى أن تقسيم العمل على أفراد مجتمع المدينة الفاضلة يجب أن يتماشى مع قدراتهم ومواهبهم، كما أنه يؤمن أن إنتاج الفرد يكون ذا جودة عالية إذا ما توافق مع ما يملكه من استعداد طبيعي.
ولهذا حاول أفلاطون أن يقسم النفس البشرية إلى ثلاث فئات اعتمادًا على أسس فلسفية وأخلاقية، وتوصل إلى تقسيمهم للفئات التالية:
1 - النفس العاقلة ومكانها العقل والرأس، وتعنى بالحكمة.
2 - النفس الغاضبة ومكانها القلب والصدر، وتعنى بالشجاعة.
3 - النفس الشهوانية ومكانها أسفل البطن، وتعنى بالعفة.
ومن خلال هذه الفئات حاول أفلاطون تحديد وظائف المدينة الفاضلة، وتوصل إلى ثلاث وظائف مهمة وهي:
1 - حكم المدينة.
2 - حماية المدينة.
3 - تبادل المنافع والخدمات.
وربط أفلاطون بين وظائف المدينة هذه وطبقات المجتمع، فقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات هي:
1 - طبقة الحكام الفلاسفة وهي أسمى طبقة في المجتمع، وهم الذين توكل إليهم مهام إدارة الحكم لأنهم يتمتعون بالحكمة
2 - طبقة المحاربين ومهمتهم حماية المدينة والدفاع عنها، لأنهم يمتازون بالشجاعة ولا بد أن يكونوا تحت رقابة غيرهم
3 - طبقة أصحاب الحرف، وهم أدنى طبقة في المجتمع ومنهم الصناع والتجار والزراع، أهلتهم الطبيعة للعمل وتلقي الأوامر، وهم عامة الشعب والذين يجب أن يتمتعوا بالعفة.
ويرى أفلاطون أن الطبيعة هي التي فرضت هذا التقسيم للمجتمع، إلا أنه لم يجعل الانتماء لهذه الطبقات وراثيًا بل على العكس آمن بأن غاية المجتمع إتاحة الفرصة لكل طفل فيه الانتفاع بأعلى مستوى من التدريب الذي يتلاءم مع طبيعته وأن تتاح له الفرصة ليصل إلى أعلى المراكز التي تؤهله قدراته للوصول إليها.
وأقترح أن تطرح التساؤل:
في الختام: هل يمكن تحقيق نموذج المدينة الفاضلة في واقع المجتمعات البشرية كما نادى بها أفلاطون - هذا إن لم تكن فكرته مثالية - فإذا كان الجواب بنعم فأين النموذج الذي شخص في الواقع التاريخي تلك المدينة الفاضلة كما تصورها أفلاطون ... لكني لن أجيب وأترك الاستنتاج للسادة القراء.
** **
- زياد الفيصل