هالة الناصر
لا يمكن إنكار أن هناك مذيعين ناجحين في الوطن العربي، استطاعوا تكوين شعبية كبيرة واكتساب ثقة المشاهد وبناء شخصية مميزة على الشاشة، إلا أنه مهما عظمت هذه النجاحات العربية، فإنها تظل بعيدة بأميال طويلة عن منافسة نجاحات المذيعين الأجانب في أوروبا وأمريكا، الذين تحول كثير منهم إلى أيقونات نعرفها الآن كما نعرف السياسيين ونجوم السينما، فالمذيع العربي يكتفي بالاعتماد على عنصر واحد للنجاح وهو فرديته كشخص واحد، معتمدًا على بعض القبول والكاريزما أو الثقافة الواسعة في الملف الذي يناقشه أو فكرة ناجحة لبرنامج، وفي بعض الأحايين يكون النجاح غير قائم على أي من هذه العناصر، بل قائم على وسامة المذيع أو المذيعة التي تقف خلفها دعاية ضخمة تساعد في خلق مذيع من لا شيء، لتكسبه في النهاية نجاحًا زائفًا، أما المذيع الحقيقي فيتم إعداده من البداية وتعريفه أن نجاحه لا يمكن بناءه اعتمادًا على شخص واحد، بل على فريق عمل يجعلوا منه شخصًا متكامل الجوانب والأدوات حتى يقتنص النجاح من وسط المنافسة الشرسة، لذا تجد المذيع في القنوات الغربية مثلاً، يتمتع بالكاريزما والشخصية المميزة والثقافة الواسعة والقبول واللباقة والأناقة وسرعة البديهة والحس الإعلامي ويعتمد على فريق عمل ضخم يعد فكرة جيدة لبرنامج ناجح ويقف خلفه إنتاج ضخم وتدعمه نسب مشاهدة عالية، حتى يتحول إلى أيقونة إعلامية، فيتخطى تأثيره الشاشة إلى النجاح الذي نعرفه ونسمع به، أضف إلى ذلك أن نجاح المذيع في الخارج يجعله مسؤولاً أمام المجتمع ومدفوعًا للمحافظة على صورته في مختلف جوانبها، بل تنمية هذه الشخصية عبر نشاطات أخرى وإسهامات تكسبه نجاحًا على نجاح، بينما نجد مذيعينا العرب مع الأسف سريعًا ما يغرقون في بحر الشهرة الزائفة لتتحول أخبارهم ومتابعاتهم من صفحات الفن والإعلام إلى صفحات الحوادث والقضايا، أو على أقل تقدير ينشغلون بالحروب الصغيرة التي تلتهم نجاحهم تدريجيًا لتتركهم في النهاية وقد خسروا كل شيء، إننا في حاجة إلى تغيير مفاهيم مذيعينا في الوطن العربي، وتدريبهم منذ البداية على كيفية تحقيق النجاح وكيفية المحافظة عليه، وتعريفهم بالحدود الفاصلة بين العمل وبين الحياة الشخصية وطرق إدارة كل منهما، حتى نستطيع أن نصل في اليوم الذي نفتخر به أن لدينا مذيعين وإعلاميين كبار وأكفاء قادرين على منافسة أعتى وأشهر وأنجح المذيعين في أي من بلدان العالم.