سلمان بن محمد العُمري
تؤكد الهيئات والمنظمات الصحية والدراسات العلمية أن داء السكري هو الأوسع انتشارًا والأكثر نموًّا في العالم؛ إذ بلغ عدد المصابين 425 مليون شخص، يعيشون حاليًا مع مرض السكري. ومن المقرر أن يزيد عدد المصابين بالمرض في العالم أربعة أضعاف ما كان عليه قبل 40 عامًا، بينما تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يصبح داء السكري سابع عامل مسبب للوفاة في عام 2030 م، فيما تكشف تقارير الاتحاد الدولي للسكري أن تكلفة مرض السكري تبلغ 327 مليار دولار خلال عام واحد في الولايات المتحدة الأمريكية.
والمملكة العربية السعودية من أعلى الدول في معدلات الإصابة بمرض السكري؛ إذ قدر عدد المصابين بالمرض بنحو 25 % من عدد سكان المملكة، وهذا -بلا شك- مؤشر خطير حين النظر إلى معدلات انتشاره في البلاد.
إنه لمن المؤسف أن لا نسمع عن بعض المخاطر كداء السكري وأضراره إلا حينما يأتي (اليوم العالمي للسكري)، في حين أن التوعية الصحية يجب أن تكون دائمة ومستمرة، ليس تجاه داء السكري وحده فقط، بل تجاه سائر الأمور الصحية الضرورية. وأتمنى أن تدرس موضوعات عن الثقافة الصحية ضمن المناهج القائمة لطلاب وطالبات التعليم العام والعالي.
وأمام هذه الأرقام المهولة المخيفة نطرح التساؤل: كيف غابت عن أذهاننا الحملات التوعوية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وخطباء الجوامع، والميادين العامة، للتحذير من أخطار مرض السكري وعواقبه، بل التصدي له قبل وقوعه، خاصة أن الوراثة أحد العوامل الرئيسة في الإصابة بمرض السكري؟ ولكنّ هناك أسبابًا عديدة لانتشار المرض، ما زلنا في غفلة عنها، أبرزها (السمنة)، والأوزان الزائدة عن الحد الطبيعي. والسبب الآخر الذي لا يقل شأنًا عن سابقه التغذية غير المدروسة، ولاسيما في موائدنا غير الصحية، وما تمتلئ به من دهون وسكريات ونشويات، وكلها عوامل مساعدة على ظهور مرض السكري، والإصابة به.. ولا ننسى الضغوطات والصدمات النفسية وغيرها.
إننا نسمع بين الحين والآخر في مجالسنا من يمتنع عن شرب الشاي المحلي، ويطلبه خاليًا من السكر. وهذه نقطة جيدة، ولكن هل هذا التحفظ وصل لبقية الأنواع الأخرى من المأكولات والمشروبات؟
إن من الأسباب المعينة على تقليل أضرار مرض السكري التزام الحمية الغذائية، ولكن ماذا لو جربنا الحمية الغذائية قبل أن نُبتلى بهذا الداء؟ لماذا لا نجرب الحمية الغذائية، ويقدم المختصون برامج تثقيفية للأسرة، وللأمهات على وجه الخصوص، وكل من لهم شأن بإعداد الوجبات والأغذية، وتوضيح الأغذية المناسبة، والنِّسَب المعتدلة من النشويات والسكريات؟ لماذا لا يتم إرشاد الناس عن التغذية المتوازنة، التي تمد الإنسان باحتياجاته الطبيعية، وفقًا للسن والعمر وطبيعة عمل الإنسان؟
إننا بحاجة إلى المزيد من الوعي والترشيد؛ لنقلل من الأخطار التي تنتج من مرض السكري، وما يصاحب المصابين به من أوجاع وآلام، بل فقدان العمر قبل متوسطه الطبيعي. لماذا ننفق المليارات على علاج السكري، ونحن بمقدورنا التقليل من ذلك -بإذن الله- عن طريق التوعية والتثقيف الصحي؟