فهد بن جليد
الحظ العاثر لم يُسعف مهندس الكمبيوتر الصيني «لي كاي شيانغ» كثيراً، فقد انفضح أمره أمام «خطيبته» بعد أن قام بتصميم وابتكار «برنامج آلي خاص» للرد على رسائلها التي تنهال عليه «طوال الوقت» خصوصاً عندما يكون مُنهمكاً ومشغولاً في العمل، فالابتكار لم يصمد طويلاً في القيام بالمهمة التي كان يُفاخر بها «شيانغ» أمام زملائه وأصدقائه بالقيام بالردود الآلية المُناسبة والرقيقة والدافئة، تبعاً للكلمات التي تكتبها «الخطيبة» لتشعر أنَّها في محور اهتمامه طوال الوقت، فسرعان ما انكشف الأمر عندما أرسل الجهاز رسالة شوق وحب للخطيبة يقول فيها «أتمنى أن يكون مزاجكِ أكثر إشراقاً من شمس هذا اليوم» بينما كانت السماء مُلبَّدة بالغيوم والجو ماطراً، لتنفجر المرأة غاضبة، وليتراجع المهندس عن خطواته لتسويق البرنامج كأحد الحلول المُبتكرة لعلاج مشكلة القدرة على التواصل الهاتفي والبريدي بين «العشاق والمُتزوجين» كما كان يُراهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
شركات الخدمات والجهات التي لها تماس وعلاقة مباشرة مع الجمهور، تقوم بذات الفكرة، برأيي، عندما تُشعر العميل أنَّه محور اهتمامها طوال الوقت وإمكانية وصوله إليها عبر كل المنصات للشكاوى والاقتراحات والاعتراض أو الاستفسار حول الخدمات المقدمة، وتعتقد أنَّها بذلك قدمت كل ما عليها بتوظيف شخص أو شخصين للرد على المُكالمات، وبرمجة «رد آلي» أو «مسج صوتي» لبقية العملاء، وهذا خطأ له أثر عكسي يجب الانتباه له ومُراعاته، فالردود الآلية والسريعة تكون احترافية وطريقة متقدمة وسريعة في التعامل مع العميل بمُجرَّد إرساله رسالته الأولى أو استقبال بداية اتصاله كنوع من الترحيب وبداية تفاعل، أمَّا ما يحدث من الركون إليها «كرسائل مُبرمجة» مُسبقاً للرد على الاستفسارات بإضافة عبارات جامدة: «معاملتك تحت الإجراء»، «سيتم التواصل معك لاحقاً» وما شابهها، فهي برأيي لم تعد شافية ولا كافية للعميل، ما لم يرادفها إجابة مباشرة وشخصية تؤكد أنَّ الخدمة قائمة بالفعل، وأنَّ هذه الرسائل تأتي لتأكيد الخدمة وتقييم العمل وضبطه وتجويده لكافة المُشتركين أو العملاء.
الردود الآلية التي تلجأ إليها معظم المؤسسات والشركات والجهات الحكومية الخدمية لن تكون تطوراً حميداً ما لم توظّف بالشكل الصحيح وبالطريقة الفاعلة، التي تجعل منها عملاً احترافياً يعكس تطور هذه الجهات واستخدامها للتقنية بطريقة مُتقدّمة تُساعد وتُحسِّن من أداء الموظفين، لأنَّ بعض تلك الردود التي تصلك على هاتفك أو بريدك الإلكتروني «مُضحكة» فهي عامة وفضفاضة وجوفاء وأحياناً غير مُناسبة إطلاقاً للموضوع، وتذكّرك كثيراً بالردود العشوائية التي تقرأها على تويتر لبعض الهاشتاقات أو التغريدات من «حسابات آلية» مدفوعة إمَّا لبيع المُتابعين أو التأثير على رأي معين، لذا نصيحتي لتلك الجهات: لا تكن « آذانكم كبيرة» و»ردودكم آلية» فلكم في «شيانغ» عبرة!
وعلى دروب الخير نلتقي.