(نسيم الصمادي)
لا يزال «قانون المزرعة» واحداً من أقوى قوانين النجاح التي عرفتها الإنسانية. ورغم أنه أكثر القوانين وضوحاً إلا أنه أصعبها تطبيقاً. ينص القانون على أننا دائماً نحصد ما نزرع، ونأخذ ما نعطي.
ينطبق هذا على العطاء في العمل وفي العلاقات الإنسانية أيضاً. ولأنه قانون طبيعي ينسجم مع الفطرة، ويقوم على مبادئ حاكمة، فهو غير قابل للنقض أو النقد. فكل من يطبقه يثاب، وكل من يخالفه يضار.
«ستيفن كوفي» حول هذا القانون إلى نظرية، فشرحه مبيناً انعكاساته على حياتنا العملية والشخصية.
وتبعه «باولو كويليو» في روايته «السيميائي» التي ترجمتها ولخصتها في كتاب «السبب قبل الذهب». يتمتع «كويليو» بأسلوب ساحر، وثقافة لا متناهية، ورؤية عابرة للقارات والثقافات، فضلاً عن جرأته في الطرح والشر.
قرأت له في مقدمة روايته الأخيرة: «إحدى عشرة دقيقة» نقلاً عن أحد الحكماء أنه عندما كان يحتضر سأله تلميذه: «من علمك أيها المعلم؟».
فقال: «علمني كثيرون. وكان ممن علموني صبي، رأيته يسير باتجاه الجامع، حاملاً شمعة بيده، فبادرته بالسؤال: هل أضأت هذه الشمعة بنفسك؟ فرد الصبي بالإيجاب. ولما كان يقلقني أن يلعب الأولاد بالنار، تابعت بإلحاح: اسمع أيها الصبي، كانت الشمعة مطفأة، فهلا أخبرتني من أين جاءت النار التي تشعلها؟ فضحك الصبي وأطفأ الشمعة وسألني: وأنت هل تخبرني أين ذهبت النار التي كانت تشعلها؟».
يرى «باولو كويليو» أن نار الحكمة تبدأ من الداخل، وعندما نمتلكها، فإنها تتوهج عندما نحتاجها. وأرى أن الحكمة تبقى كامنة فينا، لا تنطفئ أبداً، وسواء رآها الناس أم لا، فإنها تفعل فعلها، بشرط أن نمتلكها ونعطيها، فلا نخمدها.
اشتكى لي صديق من أن معظم إصاباته وجروحه تحدث في يده اليمنى. فقلت له: ولم الشكوى؟ اليد التي نستخدمها أكثر تصاب أكثر. استخدم يدك اليسرى ولسوف تصاب فتقوى. الإصابات جزء من العمل، وهي الثمن الذي ندفعه لنتميز. ولا أرى مشكلة في أن نتبرم ونشتكي. الشكوى أيضاً جزء من العمل.
المهم أن نشتكي ونعمل مثل الفلاحين؛ نبذر البذور ونبذل أقصى طاقاتنا البدنية والنفسية وننتظر الحصاد.