أ.د.عثمان بن صالح العامر
كنت مساء الثلاثاء الماضي أمر على تغريدات تويتر، وإذ أغلبيتها تمجيد وثناء، وافتخار واعتزاز بالأب، كلمات منمقة جميلة، وعبارات جزلة رصينة، صاغها المغردون النشطاء نثراً معبراً وربما ضمنوها شعراً متميزاً.. إنها رسائل حب ومودة للآباء الأحياء منهم والأموات وذلك بمناسبة اليوم العالمي للأب الأحد 16/ 6.. استوقفتني كثيراً وسط ركام ما هو في هذا العالم العجيب من أخبار وأحداث، وصور وعبارات، وتحاليل واجتهادات، صورة التقطت للشاب عبدالعزيز سالم الصريري وابتسامته الجميلة المعبرة تعلو محياه، وهو يقبل والده، وهما على سرير المستشفى، وعليهما ملابس العمليات، حيث سيتبرع الابن لأبيه بكليته.
بصدق أسرتني هذه الصورة المعبرة لعبدالعزيز وهو يضع قبلة المحبة الصادقة على محيا أبيه، وابتسامة الرضا والتفاؤل والطمأنة تسربله بكل أحاسيسه ومشاعره وبجميع حواسه وقواه، من أخمص قدميه حتى مفرق رأسه، وسالم يرمقه بعيني الرحمة والإشفاق الأبوي العميق، والصمت يضج في المكان بكل معاني الإنسانية السامية التي هي أشد ما تكون بين الأب والابن.
لا أدري ولكنني ربطت بين هذا الموقف النبيل الذي يضرب فيه الشاب المبتسم فرحاً ببره لأبيه وبين ما ينعت باليوم العالمي للأب وقلت في نفسي لو أننا في مثل هذا اليوم جمعنا ما يسطر في سجل البر بالآباء فعلا لا قولاً وقدمناه للعالم وبلغات مختلفة لكن لهذه المناسبة بعدها الحقيقي في التعريف بِنَا نحن المسلمين وبعمق روابطنا الأسرية التي تجعل الابن يبتسم فرحاً حين يجد نفسه على سرير المستشفى وفِي غرفة العمليات من أجل إنقاذ وإسعاد وبر أبيه، ولكان فيها شرح وإيضاح لمصطلحات وكلمات قد لا يعرف غيرنا عمق دلالتها وعظم منزلتها في ديننا الإسلامي.
شكراً من الأعماق لهذا الشاب اللطيف الذي لم يجعل هذه المناسبة تمر دون أن نستشعر أو على الأقل أستشعر أنا الدلالة الحقيقية للبر بالأب، وشكراً لمن التقط الصورة فكانت توثيقاً تاريخياً لابتسامتنا حين نبذل من أجل آبائنا، شكراً لكل من مر وعلق أو أبدى إعجابه بهذا الموقف النبيل الذي لا يستغرب من هذا الشاب الذي تربى في بيئة متميزة ووسط عائلة كريمة ديدنها وطابعها البذل والعطاء فكيف إذ كان المُعطى (الأب)، ولمن لم يشاهد الصورة فإنني أدعوه للبحث عنها فهي -في نظري- جداً معبرة، ولا أملك وأنا أعيد النظر فيما كتبت إلا أن أختم بالدعاء لهما بالشفاء العاجل الذي لا يغادر سقمًا، وأن يكلل الله العمليتين بالنجاح ويعودان الأب والابن لأهلهما ومحبيهما سالمين غانمين وإلى لقاء والسلام.