«الجزيرة» - محمد المنيف - آمنة صالح:
في أجواء الطائف الحالمة والباعثة للحيوية والانتعاش الذي يحرض العقل لينتج والوجدان ليبدع كان لفرع جمعية الثقافة والفنون فيها بقيادة مديرها الفنان فيصل الخديدي احتفاءً بقامات تشكيلية حضروا تقديراً لمن قدم لهم الدعوة وقناعة بما أعد من عنوانا لندوة انتظرها الكثير وقد يكون من ذلك الكثير من لدية القرار لإقامة مثلها إلا أن التردد حاجزاً وسببا في التراجع، فالعنوان مجال خصب للنقاش والحوار وردود الفعل كما كانت ولا زالت مادة هامة في سبل ووسائل التواصل ذلك هو (الريادة في الفنون التشكيلية) الفن التشكيلي السعودي أنموذج.
فقد أقيم الأسبوع الماضي ضمن أنشطة جمعية الثقافة والفنون بالطائف ندوة تشكيلية مصاحبة لافتتاح المعرض التشكيلي الجماعي المعنون بـ(منتقيات) والمقام في الطائف آرت جاليري, الذي افتتح على شرف الدكتور طلال عباس أدهم، ضم مجموعة من الأعمال التشكيلية المتنوعة لعدة مجالات بمشاركة تشكيليين وتشكيليات لهم مسيرة فنية بارزة.
ندوة حركت الساكن
ندوة (الريادة في الفنون التشكيلية.. الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية أنموذجاً) حركت الساكن وسلطت الضوء على معنى الريادة ومعايير قياس الريادة في الفنون التشكيلية عبر التاريخ، وتطبيق هذه المعايير على التصنيف الريادي في التشكيل السعودي، ومصادر هذا التوثيق، اختتمت الندوة بالمناقشة والتوصيات.
افتتح الجلسة الأستاذ عمر حمدان وتحدث حول موضوع الندوة وأهداف هذا الحوار, كما عرف بالمتحاورين وهم الدكتور محمد الرصيص، والدكتور سهيل الحربي، والأستاذ عبدالرحمن السليمان، ثم اعتلى المنبر الأستاذ فيصل الخديدي مرحباً بالضيوف ومستعرضاً في إيجاز أنشطة الجمعية لدعم الثقافة التشكيلية بمدينة الطائف واستقطاب التشكيليين والأكاديميين من خارج مدينة الطائف للمشاركة وتبادل الخبرات دعما لحراك واضح ومؤثر وخصوصاً بعد افتتاح صالة الطائف آرت جاليري وصولاً بعقد هذه الندوة، ومتمنياً استمرار هذه اللقاءات والمعارض التي تنعكس إيجابياً على تطوير الأنشطة التشكيلية في مدينة الطائف.
ثم بدأت جلسة الندوة بطرح ورقة الدكتور محمد الرصيص والتي استعرض فيها معنى كلمة الريادة في معاجم اللغة حيث وضح بأن الرائد هو من يتقدم الآخرين ممهداً السبيل لهم لكي يتبعوه، ومن يبدع بشيء جديد أو يشارك في تطوير شيء جديد، ثم استعرض ريادة الفنون التشكيلية في الحضارة الحديثة حيث وضح للحضور بأن الأساليب الفنية قد وثقت بالقراءات التاريخية والتحليلية والنقدية, حيث قدم عرض موجز عن أهم الريادات الأوروبية المبكرة ثم عصر النهضة مدعماً ذلك بالصور والمصادر.
ثم قدم الأستاذ عبدالرحمن السليمان ورقته والتي تضمنت استعراضاً للأنشطة التشكيلية في المملكة العربية السعودية منذ فترة الثمانيات مدعماً ذلك بالصور والمصادر، وذكر السليمان رياديين في الفن التشكيلي السعودي تحت معايير منظمة استقاها من أول معرض وأول مشاركة وأول نحات... إلخ فكان المقياس لعرض الرياديين بمنطقية (أول من) في تسلسل زمني منطقي استعرض فيها أسماء لتشكيليين سعوديين وتشكيليات سعوديات كانت لهم الأسبقية في عدة أنشطة ومجالات ومشاركات وكانوا ممن مهد الطريق لمن بعدهم وأوضح من خلال حديثة دعم رأس الهرم بالدولة من مسؤولين لهذه الأنشطة التشكيلية داعماً ورقته بالصور والمصادر.
وكانت الورقة الأخيرة بالندوة للدكتور سهيل الحربي، حيث استعرض فيها معنى الريادة وكان حديثة مكملاً ما بدأ به الدكتور الرصيص والناقد السليمان، حيث استفتح الحربي ورقته في عرض مصادر توثيق الممارسات التشكيلية في المملكة العربية السعودية، والنقد في المنهج التاريخي، ثم تحدث عن مفهوم المنهج التاريخي كمنهج علمي يعتمد عليه التوثيق، ووضح في نقطة مهمة ومثيرة للجدل خطورة عدم اتباع الطرق العلمية في التوثيق، والتي قد تكون بتصنيف الفنانين حسب أجيالهم أو لعدم وضوح مفهوم الريادة، ومن خالها وضح الفرق بين بداية ظهور الفن التشكيلي بالمملكة العربية السعودية وبداية مادة التربية الفنية.
كما عرض الدكتور سهيل الحربي تصنيفاً علمياً لدراسة الريادة وأنواع الريادة، وقد علق الحربي على تكريم رواد الفن التشكيلي بالمملكة، حيث وجد بأنها خطوة إيجابية داعمة للتشكيليين والتشكيليات وللساحة الثقافية، داعياً إلى استمرارها لما لها من أثر على دعم التشكيل السعودي وتوثيق الفترات الزمنية بروادها وأنشطتها التشكيلية، ودعا الحربي إلى توثيق الدراسات التي تؤرخ مسيرة الفن التشكيلي السعودي والتي لا تجمد فئة عن أخرى بل هي متجددة حسب الفترات الزمنية والظروف والمستجدات والممارسات في الساحة التشكيلية ثم ختم الدكتور سهيل ورقته بخلاصة وتوصيات جوهرية وهي:
1 - تحتاج المسيرة التشكيلية للمزيد من الدراسات والأبحاث العلمية والتاريخية والزمنية وليست للآراء والانطباعية الذاتية.
2- تكريم الرواد في الفن التشكيلي السعودي إجراء إيجابي وداعم للمسيرة التشكيلية، ويفصل أن يكون بشكل دوري ومستمر وفقاً لأسس علمية متعارف عليها ومعلنة.
3 - عقد الندوات والمحاضرات واللقاءات التشكيلية وإتاحة الفرصة للمشاركات العلمية الجادة وخاصة من الأجيال الصاعدة.
4 - تبني دراسات النقد التاريخي لما يكتب وألف عن الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية، للتدقيق في المصطلح والأسماء والأحدث.
اختتمت الندوة التشكيلية بمداخلات ومناقشات حول ما طرح لاقت استحسان الحضور الذين تفاعلوا بالمناقشة ووجهوا الشكر لكل من الدكتور محمد الرصيص والأستاذ عبدالرحمن السليمان والدكتور سهيل الحربي الذين تكبدوا عناء الحضور لمدينة الطائف ولم يبخلوا بعلمهم ووقتهم محبين ومشاركين داعمين للثقافة التشكيلية بالمملكة العربية السعودية، ثم قدم الأستاذ فيصل الخديدي دروع التكريم لضيوف الندوة شكرا لهم وعرفاناً على هذه المشاركة الثقافية الثرية.
كان الحضور للندوة من المهتمين والمهتمات بمجال الفن التشكيلي من أكاديميين وتشكيليين ونقاد من مدينة الطائف ومن خارجها، وهذا لأهمية اللقاء في دعم الثقافة التشكيلية السعودية ودعم للساحة التشكيلية وتأريخ منظم يبحث فيه الجميع عن آلية مرضية متفق عليها، ويسعى فيها كل مهتم لوضع خطة ذاتية لعملة هادفة تدعم الثقافة السعودية. الجدير بالذكر أن هذه الندوة التشكيلية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة من الخطط المدروسة والمجدولة ضمن برامج اللجنة التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون بالطائف، والتي تسعى لدعم الثقافة التشكيلية في المنطقة ودعم المثقفين والمهتمين بهذا المجال من المتمكنين والممارسين والهواة. وفي حديث للصفحة مع الأستاذ الفنان فيصل الخديدي مدير فرع جمعية الثقافة في الطائف قال لقد جاءت ندوة الريادة في الفنون التشكيلية ضمن سلسلة من الأنشطة المنبرية التثقيفية التي قدمتها جمعية الثقافة والفنون بالطائف لهذا العام والذي تميزت الفنون التشكيلية فيه من خلال أنشطة متنوعة بدأت بافتتاح جاليري الطائف آرت وتمايزت الأنشطة بين معارض تشكيلية وورش ودورات وأنشطة تشكيلية وأنشطة منبرية وتنظيم مسابقة الزاهدية للفنون البصرية.. وجاء معرض منتقيات ليظم عدد من الأعمال المنتقاة لفنانين وفنانات من مختلف مناطق المملكة وتزامن افتتاح المعرض مع إقامة الندوة التي شهدت تفاعلاً جيداً وحضوراً مميز لفرسان الندوة ومديرها.