فضل بن سعد البوعينين
بدأ الاعتقاد بمزاحمة صندوق الاستثمارات العامة للقطاع الخاص منذ أن أعيدت هيكلة الصندوق وفق رؤية المملكة 2030. حينها صرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ في مؤتمر الرؤية؛ بأن الصندوق عازم على استثمار 50 في المائة من أصوله في السوق المحلية دعما للتنمية، وتحقيقا لبرامج الرؤية، واستثمارا للفرص المتاحة.
الأكيد أن بعض أهداف صندوق الاستثمارات العامة مختلفة عن أهداف القطاع الخاص الذي يركز على الربحية دون الانغماس في الأهداف التنموية والإستراتيجية الوطنية التي جعلها الصندوق من أولوياته المؤثرة في اتخاذ القرار الاستثماري. كما أن رؤية المملكة 2030 تعتمد في مدخلاتها الرئيسة على تفعيل قطاعات اقتصادية مهمشة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي وخلق قطاعات أخرى من العدم؛ وهي أهداف تفوق في حجمها قدرات القطاع الخاص المحلي.
ملاءة الصندوق المالية وقدرته التنفيذية يعززان من حضوره الاستثماري ويجعلان منه الذراع التنموية الحكومية القادرة على تحقيق الأهداف الإستراتيجية، ورفع مساهمة القطاعات الاقتصادية المستهدفة، في الناتج المحلي، وتنويع مصادرالاقتصاد وتنفيذ المشروعات الإستراتيجية الكبرى وخلق فرص نوعية للقطاع الخاص الذي تعتبره الحكومة شريكا إستراتيجيا لها. بات واضحا من خلال منهجية الصندوق الاستثمارية؛ تركيزه على المشروعات الكبرى التي لا يمكن للقطاع الخاص تنفيذها، إما لأسباب مالية، أو معرفية، أو سيادية أو لمخاطرها المرتفعة.
وفي حواره مع جريدة «الشرق الأوسط» أكد سمو ولي العهد على أن الصندوق «أداة مهمة جداً من أدوات الدولة للتنويع الاقتصادي»، ويستهدف محليا «الاستثمارات التي لا يستطيع القطاع الخاص وحده الاستثمار فيها... وسيطرح من خلال المشاريع الكبرى مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية عشرات، إن لم يكن مئات، الفرص الاستثمارية ذات العوائد الجيدة للقطاع الخاص».
كان الصندوق وما زال المحرك الحقيقي للتنمية الاقتصادية؛ ولولا استثماراته النوعية لما خلق قطاع البتروكيماويات من العدم؛ والذي ولد فرصا كثيرة للقطاع الخاص؛ ولما بعث قطاع السياحة من مرقده، ولما أرسى قواعد الصناعات العسكرية، ونجح في توطين 20% منها في عامين، ولما تمكنت الحكومة من تحقيق متطلبات التحول الاقتصادي الضخم الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان بكفاءة واحترافية. لم ولن ينافس صندوق الاستثمارات العامة القطاع الخاص، ولن يستحوذ على المشروعات المتوافقة مع قدراته؛ بل سيكون داعما له من خلال الشراكة وتوليد الفرص الكبرى والخصخصة؛ ولكن من حق الوطن على الصندوق أن يحقق تطلعاته، وأن ينقله بسرعة البرق إلى مصاف الدول المتقدمة، وأن يقتنص الفرص الإستراتيجية الكبرى ويحولها إلى مشروعات ضخمة يشارك فيها القطاع الخاص. كما أن من حق المواطنين أن ينعموا بمشروعات تنموية كبرى، ويحصلوا على فرص وظيفية نوعية، وأن يستفيدوا من عوائد الصندوق من خلال الإنفاق الحكومي التنموي، والمشاركة في ملكية المشروعات الكبرى المطروحة للاكتتاب العام بعد اكتمال تنفيذها، وهذه من المزايا التي لا يوفرها القطاع الخاص لهم.