مها محمد الشريف
«لقد علم ماكيافيللي أوروبا فن الحرب الذي نمارسه دون أن نعرفه»، هذا ما قاله فولتيرعن نيقولا ماكيافللي. حسبما جاء في كتابه فن الحرب الذي قال: «على الرغم من أن التعامل مع فن لم يسبق لي أن زاولته أو مارسته، لا يسعني التفكير إلا بأنني لدي العذر أكثر من بعض الأشخاص الذين أخذوا على عاتقهم الممارسة الفعلية للحرب، لأن الخطأ في كتاباتي يمكن أن يصححه بسهولة دون إيذاء أي شخص، ولكن أي خطأ في ممارستهم ربما يدمر دولة بأكملها».
ولكن دعونا نتابع أحداث منطقتنا ونقيس عليها ما قاله مياكافيللي عن الخطأ الذي تقترفه إيران ويكون سببًا لتدمير دولة بأكملها، إذا لم تجد تخفيض التصعيد عبر الحوثيين وعرقلة السفن في الممرات المائية، فمن المؤكد أن نظام طهران غير منظم وغير منضبط والارتباك جعلهم جبناء لا يكترثون لأمر شعبهم، وواشنطن تعي ذلك وأخبرت به حليفتها بريطانيا.
وبالتالي بدأت استعدادات الفيالق وقوة المهام القاصفة من القواعد الأمريكية في المنطقة للدفاع عن المصالح الأمريكية وردع إيران، ومن جهة أخرى سيكون إشعال الفتيل من عمق الحدث، بعد التحذيرات من إنتاج أسلحة نووية ودوافع ثورية وخطر يهدد العالم، فقد تم إخراج الطائرات من قاعدتها استعدادًا لتنفيذ الأوامر لأي تحديات واردة من طهران.
لا غرابة إذاً في أن هذا الحدث يدور حول ماهية الخطر الحقيقي لإحدى القوى النووية في المنطقة والمساعي الحثيثة لنزع السلاح النووي من إيران الذي يعتبر جزءًا من سياسة الترهيب التي تنتهجها كدافع للحروب تسرق وتقتل وتنتفع بحجم الكوارث التي تعبث بقوانين الإنسانية وسيادة الدول العربية.
وينطبق الشيء نفسه على التوترات المتواصلة على الحدود مع العراق وتركيا وحليفتها الإستراتيجية السورية رغم الصراع الأيديولوجي ودلائل جرى استعراضها من قبل واستمر خط النزاع الذي فرضته الكوارث الناجمة عن التدخلات الإيرانية وتم استدراج روسيا إلى ساحة القتال كحليف وشريك غير مباشر في الحرب والمصالح.
و مع ذلك أدرك الجميع أن التداعيات التي شكلت كل هذه القوى والقطع العسكرية المطورة القادمة للخليج مع الآلاف الجنود من القواعد الأمريكية أكبر من ضرب إيران، وحتى لا يكون هناك مثارًا للشكوك فإن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية يهدف إلى تأثير سياسي واستقرار في أوراسيا باعتبارها مركزًا للنمو الاقتصادي والتأثير السياسي واستكمال لاستراتيجية الاتجاه شرقا.
فبالإضافة إلى التنظير السياسي الواقعي لمياكافيللي مثل النفعية والانتهازية التي نصح بها قائلاً: «أن تعرف في الحرب كيف تكتشف الفرصة السانحة وتقتنصها أفضل من أي شيء آخر»، من هنا نتساءل: هل النفعية والانتهازية مبدأ كل الحروب؟