رمضان جريدي العنزي
ظهرت في الآونة الأخيرة أصوات عنصرية بغيضة تنفث سمها في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، لها ضجيج وعجيج وصراخ وعويل وأقوال باهتة، تصنف الناس حسب الأهواء والأهداف والمبتغيات، ترفع هذا، وتسقط ذاك، تفرق وتميز بين ذلك وذاك، وتشكك في وطنية الآخرين، وأصولهم وولاءاتهم، ناسين ومتناسين أنفسهم، العنصرية القبيحة البغيضة ساكنة ومتجذرة في نفوس هؤلاء، وينظرون لها حسب اعتقادهم ومفهومهم المبني على الباطل، يقسمون الناس تقسيمات صارخة في السوء والعفن، فهم يعتقدون بأنهم الأرقى والأجمل والأحسن والأفهم والأعلى طبقة ورتبة وميزة، وغيرهم الأدنى لا قيمة لهم، ولا وزن ولا مكانة، عندهم نعرة بائسة، وأقوال سادية، وتقسيم طبقي مخيف، فهذا ابن جلا وطلاع الثنايا، وذلك ابن الراعي المسكين، تعلو عندهم أصوات الفخر لعصبية مقيتة، وعنصرية فجة، تقوم على أساس من اللغو المبين، أن المتابع للغث السمين الذي يطرحه هؤلاء، يعرف يقينًا بأن هؤلاء لا يملكون أدنى معرفة ثقافية ولا علمية ولا تاريخية، سوى المنطق الأعوج، واللسان البذيء، ووضعهم الاجتماعي متدن وبائس، ويسألون الناس إلحافًا، إن ديننا الإسلامي الحنيف حارب العنصرية والطبقية، رفضها ولفظها ودعى إلى تجنبها، بشتى أشكالها وأنواعها، وأن التفاضل بين الناس لا يكون إلا بالتقوى والعمل الصالح والتعامل الراقي وخدمة الناس، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} إن الفوارق الطبقية، أزالها الإسلام، وأطر بدلاً منها لقيم نقية وتعاملية بهية بين الناس جميعًا، أساسها العدل، وميزانها المحبة والود والسلام، إن التحزب والميل إلى الهوى يمقته الإسلام ولا يرتضيه، بقدر ما يوده ويبتغيه ويهواه هؤلاء المخربون للعلاقات الإنسانية والاجتماعية، والناخرون في أسها، من خلال شحنهم وبعثهم وأحيائهم لترهات واهية ماتت منذ أن بزغت شمس الإسلام النقية، إننا لو استعرضنا أعمال هؤلاء البغيضين لوجدنا الضحالة الفكرية عندهم كبيرة ومتشعبة وضاربة جذورها في أرواحهم البائسة، ليسو نموذجًا أسمى، ولا قدوة حسنة، ولا عندهم مثل عليا، وتعصبهم أعمى، وعنصريتهم بغيضة، ويمتهنون باقتدار نفث السموم، ويتفردون باللغو المبين، يهدمون ويدمرون ولا يصلحون، ويعبثون فسادًا في الطروالصوت والتلفيق واختراع القصص الواهية الكاذبة، إن سلوك هؤلاء البغيضين منافيًا لكل مبادئ العقل والمنطق والحال والواقع، وأفكارهم مقلوبة رأسًا على عقب، لأنهم غير عقلانين، وأعمالهم في الاتجاهات غير الصحيحة، وهم صرعى لأهواء فاسدة، وأفكار بائدة، عقلياتهم معطوبة بليدة، وأفعالهم وأقوالهم غير فريدة، بل مستهجنة قاصرة وواهنة، إن مواجهة هؤلاء العابثين في اللحمة الوطنية، والهيكل الاجتماعي، والمنظرين لطبقية زائفة، وعنصرية فجة بغيضة، والداعين لماضٍ كسيح، والمنادين عليه، والمصفقين له، في المناسبات والمحافل المختلفة، والتصدي لهم يعد عملاً وطنيًّا مطلوبًا، فالدولة أعزها الله سنت مجموعة من القوانين والأنظمة للجم كل من تسول له نفسه العبث في وحدة المجتمع، ومحاولة تصنيفه وفق درجات وخانات وطبقات لا أساس لها من الحقيقة والصحة، بل جرمت كل من يقوم بهذا العمل المنافي للعقل الحكيم، والفطرة السوية، واعتبرته خوضًا عبثيًّا وجريمة لا يجب أن تكون مطلقًا، إننا نعيش في وطن واحد، يعمنا الخير والأمن والأمان والسلام والإخاء والوحدة النادرة والاتحاد الفريد، لهذا يجب أن نخرس جميعًا كل الألسنة المتخلفة التي تحاول نشر الكراهية والحسد والتباغض بين المجتمع، مما لا يردعهم دين ولا أخلاق ولا وطنية ولا حتى عرف، سوى العصبية الجاهلية المنتنة، والبحث عن شهرة زائفة.