د. أحمد الفراج
منذ أن تم انتخاب الرئيس ترمب، كان الديمقراطيون يجدون دومًا ما ينتقدونه بشأنه، فمرة ينتقدونه بخصوص رحلاته المتكررة إلى منتجعه الخاص (مارالاقو) في ولاية فلوريدا، ومرة فيما يتعلق بتصريحاته، التي يتهمونه بأنه لا يراعي فيها البروتوكولات الرئاسية، هذا علاوة على القضية الدائمة، أي التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وفي ذات الوقت، يتحاشون الحديث عن أمرين، أحدهما هو الاقتصاد، إذ إن الحديث عن ذلك يصب في صالح ترمب، الذي استغل مهارته كرجل أعمال، فابتكر إستراتيجيات تخدم الاقتصاد الأمريكي، ونفّذ معظمها، مما ساهم في ازدهار الاقتصاد، وخفض نسبة البطالة، والأعجب أن نسب البطالة انخفضت لدى كل شرائح المجتمع الأمريكي، بما في ذلك السود واللاتينيين، مما رفع شعبيته لدى هذه الشرائح الهامة، خصوصًا وأن ذلك يسبق الاستحقاق الرئاسي القادم.
الأمر الآخر، الذي يجد الديمقراطيون اليوم حرجًا في الحديث عنه يتعلق بإيران، التي عقد معها كبيرهم أوباما اتفاقًا نوويًّا كارثيًّا، وهو الاتفاق الذي انسحب منه ترمب، فقبل الحصار الأخير، لم يجدوا غضاضة في الدفاع عن الاتفاق النووي، ووصل الأمر درجة ما وصفته في مقالاتٍ سابقة بالاصطفاف مع إيران!، سواء في مبنى الكابيتول هيل، أو من خلال الإعلام، فقد كان الخيار أمامهم بين أمرين، إما الوقوف خلف الرئيس، أو مخالفته، حتى ولو كان ذلك مشجّعًا لايران، التي استغلت ذلك لمناكفة ترمب، ولكنهم اليوم في موقف حرج، بعد الأعمال التخريبية، التي قامت بها إيران في منطقة الخليج، وهي أعمال تمسّ شريان الاقتصاد العالمي، وتهدّد المجتمع الدولي بكامله، ولا يمكن لأي سياسي أمريكي أن يتبنى موقفًا محايدًا مع إيران حاليًّا، وإلا سيبدو كمن يرتكب عملاً انتحاريًّا، لأن إيران في عداد خصوم أمريكا.
إن خصومة أمريكا مع إيران حقيقية، فحتى المعتدلين، يؤكدون على أنها تمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، وكانت هذه القضية هي سبب عزل الرئيس أوباما للجنرال جيمس ماتيس، قائد القيادة المركزية الأمريكية حينها، الذي اختاره ترمب لاحقًا وزيرًا للدفاع، ثم عزله، ومن يتابع تصريحات الديمقراطيين هذه الأيام، يشعر أنهم مضطرون لمسايرة رغبة ترمب في محاصرة إيران، وهذا يؤذيهم، ولكنهم مجبرون عليه، وستكون الفترة القادمة في منتهى الصعوبة عليهم، لأنهم سيسايرون رغبة الرئيس، وهذا لا يخدم أجنداتهم ضده، وفي ذات الوقت، سيخدم ترمب، قبل الاستحقاق الرئاسي القادم.