عبده الأسمري
«الإنسانية» الصفة والتوصيف المشتق من «الإنسان» والمنعتق من «النكران» مفهوم راقٍ يصل إلى درجة «السمو» ويتعالى إلى نجومية «الإحسان» ويرتقي إلى درجات «الوفاء» ويعتلي صروح الحياة ليكون الشاهد على «حسن الخلق» والشهيد على «محاسن الصفات».
هنالك من يتصف بهذا الرقي الآدمي ويكمل معادلة «الحياة» بنتيجة عادلة تقوم على أساس التكامل بين المنطلق والمنطق مكونًا رقمًا صحيحًا يقبل القسمة على نفسه..
الإنسانية أن تتحلى بالإيثار وأن تعكس الأثر وأن تكسب التأثير في القلوب ووسط مساحات العون وبين ساحات الغوث..
للإنسانية مغانم عدة يعرفها من تشرب ملذاتها في نفع المحتاجين وفي إعانة الملهوفين وفي إغاثة المحتاجين ويعيشها من نهل من معين «دعوات في ظهر الغيب» وانتهل من منبع «الذكر الحسن في مجالس الغير».
بصمات عدة يتركها من تحلى بالإنسانية في واقع العيش ووقع التعايش ويسجلها في مواقف تتعامد على أرضية ثابتة من الحقائق تكون الشواهد فيها «وقفات» للإنسان وومضات للزمن..
من قدم «الإنسانية» على المسؤولية تراه منحازًا إلى المكلومين وإلى المتعبين مائلاً إلى تلك «الفئة المتعبة» من أثقال الدنيا..لذا تظل قراراته مستندة إلى رحمة القلب قبل قرار القلم..
الإنسانية فعل فطري بريء مكتمل الشروط يمقت «الوهم» ويلفظ «التزييف» ويعارض «الذاتية» ويعاكس «الأنانية» ويهزم «الاحتيال» لأنها نابعة من القلب بعفوية صادقة لا تقبل إلا النقاء والصفاء والوفاء.
عندما ترتفع صفات «الإنسان» في دواخلنا فستطلق «العنان» للنفس وترضخ «الوجدان» لمعايشة آلام الآخرين ومنازلة همومهم ومناضلة متاعبهم ومواجهة ظروفهم في «توأمة» نفسية «نفيسة» لا يجيدها إلا «المكتملين» بالإنسانية.
تغادر «الإنسانية» مرابع «النفس» الأمارة بالسوء الآمرة بالباطل المكتظة بالنرجسية وحب الذات لعدم توافق بياضها مع «لوثة» الأنانية التي شوهت المعنى الحقيقي للحياة وطمست معالم الألفة والتآلف بسواد النوايا وسوءات النكران.
أن تكون «إنسانًا» حقيقيًا يجب أن تعرف حقوق غيرك وأن تعترف بحقائق وظيفتك الأساسية في الحياة.. فإن كنت منتميًا إلى مجال «الإنسانية» فعليك واجبات وشروط لإتمام أهدافك في رسم «الصورة المثلى» في التكافل والتعاضد وأن تكون «فردًا صالحًا في مجتمعك» و»عضوًا مصلحًا في محيطك».
إنها الإنسانية التي تكفل العيش بأمان تحت مظلة «الحسنى» والتعايش باطمئنان بين أوساط الأتقياء.. مما يرصف جسور «الإخاء والسخاء» ويكمل بناء «الصلاح والفلاح» بلبنات من «يقين» التعاون.
وحدها «الإنسانية» من تنتشل «المحزونين» من قبو «ظروف»معتم لتضعهم على سطح «الأمل» منيرة دروبهم باضاءات «العطف» وضياءات «التعاطف».
من جرب الإنسانية سيسيح في أفق من التصالح مع النفس والتسامح مع الغير ماضيًا عبر الطرق بنبراس «الصفح» منطلقًا وسط «المتاهات» بخريطة «اليقين» ليصل إلى «قمة» النجاح النفسي والامتياز الاجتماعي والرضا الذاتي بتقييم النتائج المرصودة من الخلائق بثقة «الواقع» وتوثيق «الوقائع».
وعلى النقيض تكبد الأنانية المنتمين إلى دوائرها الفارغة وحلقاتها المفرغة مغارم من السوءات الموثقة بالخيبات والمرتبطة بإجماع على «الأخطاء» واتفاق على «السلبيات» فتظل في تراكم وسط أنفس ضائعة وتزاحم داخل أرواح ملوثة.
تظل الأنانية «الركن» القصي و»البعد» المنبوذ و»الاتجاه» السلبي في وجه الحياة وتبقى «الإنسانية» الواجهة المشرقة بالإيجابية التي تحيطها بإطارات من «القيم» وتكملها بألوان بهيجة من «الأخلاق».
ما أجمل الإنسانية وما أكمل تلك المغانم التي تملأ أركان العمر بأوسمة «الذكريات» المجيدة وتمنح «مكارم» العاقبة في المحيا والممات.. لذا فعلينا أن نحيي «الإنسان» وأن نيقظه من سبات «الغفلة» وأن نحميه من احتيال «الأنانية» وحيل «الذاتية» وننقذه من وزر «مغارم الخيبة» في الدارين.
ما بين مغانم الإنسانية ومغارم الأنانية يظل الإنسان في اختبار وابتلاء وامتحان لتصفية «ثورات» الذات وتنقية «اتجاهات» النفس من الانحياز الخاطئ إلى الاجتياز الصحيح لكل عقبات «الظروف» وعواقب «التجارب».