فهد بن جليد
الزعماء الأكثر شجاعة هم الذين يتحدثون بشفافية ووضوح في مثل الظروف التي تمرُّ بها منطقتنا اليوم، ليس من أجل مُغازلة الجماهير ودغدغة مشاعرهم، والبحث عن مكاسب انتخابية مُصطنعة، بل ليرسموا خارطة العالم من حولهم وليضعوا النقاط على الحروف دون تدليس أو مواربة، وهنا نتحدث عن حوار سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يوم أمس- لصحيفة الشرق الأوسط، والذي تناول فيه مجمل القضايا والملفات الداخلية والإقليمية والدولية، والذي كان له صدى واسعاً في كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية، فكما هي عادة «الأمير محمد» يتسم حديثه دائماً بالصراحة والوضوح المُباشر الذي لا يحمل اللبس أو يحتاج لمزيد من التفسيرات، عندما تحدث عن علاقة المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية وأهميتها الاستراتيجية «كعامل أساسي» في تحقيق أمن منطقتنا واستقرارها، وأنّ هذه «العلاقة لن تتأثر بأي حملات إعلامية أو موقف من هنا وهناك» مُستذكراً أنَّ «المملكة تجاوزت مثل هذه الحملات التي تتصف في معظمها بالتحيُّز وعدم الاستناد إلى معلومات دقيقة، وأنَّ المملكة تسعى لتوضيح الحقائق والأفكار المغلوطة لدى بعض الأطراف في الولايات المتحدة وغيرها من الدول»، وفي هذا دلالة على أنَّ السعودية حريصة على سمعتها وصورتها في العالم، وتسعى لتصحيحها دوماً كدولة مؤثرة لها مكانتها وأهميتها.
تأكيد الأمير محمد على أنَّ «المملكة لا تُريد حرباً في المنطقة.. لكنَّنا لن نتردَّد في التعامل مع أي تهديد لشعبنا وسيادتنا ومصالحنا الحيوية»، لم يأت من ضعف أو تخوُّف، فالعالم بأسره يشهد بالقدرات العسكرية المتفوقة للسعودية في المنطقة، ولكنَّها الحكمة والنهج الدائم للمملكة كصمَّام أمان، بتشديده على أنَّ «يد المملكة دائما ممدودة للسلام بما يُحقق أمن المنطقة واستقرارها «مُتمنياً أنَّ «يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي».
ولعلَّ صراحة الأمير محمد المعهودة كانت حاضرة في إشارته إلى أنَّ على إيران «الاختيار إمَّا أن تكون دولة طبيعية لها دور بناء في المُجتمع الدولي أو أن تبقى دولة مارقة وتتحمل عواقب هذا الأمر دولياً» فقد شخصَّ سموه مجمل ما يجري من أحداث في منطقتنا واضعاً النقاط على الحروف بأنَّ «إيران هي الطرف الذي يُصعِّد دائماً في المنطقة ويقوم بالهجمات والاعتداءات الآثمة بشكل مُباشر أو عبر الميليشيات التابعة»، مُستدلاً بأنَّ «النظام الإيراني لم يحترم وجود رئيس الوزراء الياباني ضيفاً في طهران، وقام بالهجوم على ناقلتين في الخليج إحداهما عائدة لليابان»، إضافة لما تقوم به طهران عبر ميلشياتها الإرهابية في اليمن ولعلَّ آخرها الهجوم على «مطار أبها» وهذا استشهاد في مكانه يفضح النوايا والسلوك العدائية والإرهابية لهذا النظام وأذرعه باستهداف منشآت مدنية مُحرَّمة دولياً.
يتبع غداً.
وعلى دروب الخير نلتقي.