ياسر صالح البهيجان
ما تبذله الهيئة العامة للترفيه من جهود واضحة لتطوير قطاع الترفيه في المملكة غير قابلة للإنكار، فمنذ تأسيسها استطاعت أن تُحدث التغيير الملموس كمًا ونوعًا في مختلف المدن والمناطق. الطريق لا يزال أمامها طويلاً للانتقال من الفعاليات ذات الأيام المعدودة، إلى فعاليات دائمة طوال العام وهو الهدف الأكبر الذي من أجله أنشئت الهيئة. الأنشطة الترفيهية المؤقتة يبقى أثرها محدودًا، وانعكاسها على نهضة القطاع طفيفًا، فضلاً عن أن محدودية الوقت تحول دون استمتاع شريحة كبرى من السكّان بالفعاليات الترفيهية.
ولكي نتمكن من صناعة قطاع ترفيهي مستدام، فإن هيئة الترفيه بحاجة إلى عقد شراكات طويلة الأجل مع القطاع الخاص لاحتضان فعاليات على مدار السنة؛ لتتحوّل الوجهات الترفيهية المؤقتة إلى وجهات دائمة يمكن للسكّان والسوّاح قضاء وقت ماتع بها. هذه الخطوة ستمكن الهيئة العامة للسياحة من وضع برامج سياحية جاذبة للزوار أسوة بما هو معمول به في مختلف المدن السياحية حول العالم، التي تمكن السائح من معرفة المواقع الترفيهية التي سيتجه إليها قبل أشهر من وصوله إلى المدينة، وهو متعذر حاليًا لدينا في ظل تغير الفعاليات الترفيهية بصفة أسبوعية وتبدل مواقعها واختلاف أزمنتها.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن وجود فعاليات دائمة سيعزز من مساهمة قطاع الترفيه في إجمالي الناتج المحلي، ويخدم اتجاه المملكة نحو تنويع مصادر الدخل، ويحفز الشركات المتوسطة والصغيرة للدخول في القطاع ما دامت الرؤية حوله واضحة وذات جدوى اقتصادية فاعلة تسمح باستعادة التكاليف التشغيلية وتحقيق الأرباح المجزية، ويرفع كفاءته في خلق فرص وظيفية مستمرة ذات مرتبات مرتفعة وسط بيئة جاذبة للمواطنين، إلى جانب إمكانية قياس أداء القطاع والتحقق من انسجامه مع مؤشرات برامج التحول الوطني، وهي غاية في الأهمية لمعرفة مدى التقدم المُحرز وآلية تعزيز نموه والارتقاء به.
ولا أعتقد بأن هيئة الترفيه ستجد شحًا في المواقع القابلة لتنفيذ فعاليات مستمرة. هناك الحدائق العامة والمجمعات التجارية وساحات العروض والاحتفال وغيرها من الأماكن التي تتيح للهيئة وبالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى الاستفادة منها وتفعيلها بما يخدم قطاع الترفيه بالمملكة. لا بأس في أن تبدأ الهيئة بالتدرج في تمديد أوقات الفعاليات حتى تصل إلى الهدف المنشود، انطلاقًا من المدن الكبرى ذات البنية التحتية المتطورة. أجزم بأن المسؤولين في هيئة الترفيه يُدركون حجم التحدي وضرورة مضاعفة الجهود لبناء نموذج ترفيهي عالمي يليق بمكانة المملكة.